أحمد محمد عبد الرؤوف المنيفي
11-04-2020, 04:42 AM
1-حفظ القرآن :
يرى الإمام ابن الأثير أن الطريقة المثلى والعليا في تعلم فن الكتابة هي حفظ أجزاء من القرآن الكريم و من الأحاديث النبوية ومجموعة من دواوين الشعر لفحول الشعراء . وهذه الطريقة عنده هي أعلى الطرق في تعلم فن الكتابة والجاري عليها يبلغ درجة الاجتهاد ويكون إمام في صناعة الكتابة , يقول في كتابه المثل السائر : ( الثالثة : أن لا يتصفح كتابة المتقدمين , ولا يطلع على شيء منها , بل يصرف همه إلى حفظ القرآن الكريم , وكثير من الأخبار النبوية , وعدة من دواوين فحول الشعراء ممن غلب على شعره الإجادة في المعاني والألفاظ , ثم يأخذ في الإقتباس من هذه الثلاثة , أعني القرآن والأخبار النبوية والأشعار , فيقوم ويقع , ويخطئ ويصيب , ويضل ويهتدي , حتى يستقيم على طريقة يفتتحها لنفسه ...
وهذه الطريق هي طريق الإجتهاد , وصاحبها يعد إماما في فن الكتابة )
ويقول : ( ومن آتاه الله في القرآن بصيرة فإنه يسبك ألفاظه ومعانيه في كلامه ويستغني به عن غيره , إلا أنه ينبغي أن يكون فيه صواغا يخرج منه ضروب المصوغات , أو صرافا يتجهبذ في نقوده المختلفة من الذهب المختلف الألوان , ولا أقول من الفضة , فإنه ليس فيه من الفضة شيء وهو أعلى من ذلك , ...
واعلم أن المتصدي لحل معاني القرآن الكريم يحتاج إلى كثرة الدرس , فإنه كلما ديم على درسه ظهر من معانيه ما لم يظهر من قبل .
وهذا شيء جربته وخبرته , فإني كنت آخذ سورة من السور , وأتلوها وكلما مر بي معنى أثبته في ورقة مفردة , حتى أنتهي إلى آخرها , ثم آخذ في حل تلك المعاني التي أثبتها واحدا بعد واحد , ولا أقنع بذلك حتى أعاود تلاوة تلك السورة , وأفعل مثلما فعلته أولا , وكلما صقلتها بالتلاوة مرة بعد مرة ظهر في كل مرة من المعاني ما لم يظهر في المرة التي قبلها ) .
2-الأحاديث النبوية :
وما يجري على القرآن يجري على السنة النبوية , والرسول صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم , فألفاظه في تعبيرها عن المعاني لا يماثلها شيء من الألفاظ , مثال ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (( الآن حمى الوطيس )) فهذا التعبير لم يسمع قبله من غير رسول الله , ولوقلت (( استعرت الحرب )) لما كان في مثل جمال هذا التعبير وقوته .
, كما أن الأحاديث النبوية تتسم بالإيجاز , بمعنى أنها تجمع المعاني الكثيرة في الفاظ قليلة .
ولذلك فإن حفظ الأحاديث النبوية يرتقي بملكة الكتابة لدى الكاتب ويكسبه من حلاوة الكلام وسحر المعنى ما لا يحصل له لو اقتصر فقط على حفظ الخطب والأشعار .
3-حفظ كلام العرب القديم
تحصل ملكة الكتابة للشخص بحفظ كلام العرب القديم وأخبارهم وأيامهم , وكلام العرب القديم ينقسم إلى نوعين : منظوم ومنثور , فالمنظوم هو الشعر , وأما المنثور فهو الخطب والرسائل والمكاتبات والوقائع والأيام المشهورة ونحوها .
والعلم الذي يعنى بكلام العرب القديم المنظوم والمنثور هو علم الأدب , وهو علم ليس له قوانين معينة وإنما المقصود منه هو ثمرته وهي الإجادة في الكتابة وتأليف الكلام , ولذلك فهم يعرفونه فيقولون : الأدب هو حفظ أشعار العرب وأخبارها . وتوجد في هذا العلم كتب مشهورة هي أركان هذا العلم مثل البيان والتبيين للجاحظ , والكامل للمبرد , والأمالي لأبي علي القالي , وكتاب الأغاني للأصفهاني ونحو ذلك .
ويجب على الكاتب أن يأخذ نفسه بحفظ أنواع من الكلام العربي القديم الموجود في هذه الكتب لكي تنشأ لديه ملكة الكتابة والقدرة على صياغة الكلام والتعبير عن الأفكار . يقول الإمام ابن خلدون : ( ووجه التعليم لمن يبتغي هذه الملكة ويروم تحصيلها , أن يأخذ نفسه بحفظ كلامهم القديم الجاري على أساليبهم من القرآن والحديث , وكلام السلف , ومخاطبات فحول العرب في أسجاعهم وأشعارهم , وكلمات المولدين أيضا في سائر فنونهم , حتى يتنزل لكثرة حفظه لكلامهم من المنظوم والمنثور منزلة من نشأ بينهم ولقن العبارة عن المقاصد منهم , ثم يتصرف بعد ذلك في التعبير عما في ضميره على حسب عباراتهم , وتأليف كلماتهم , وما وعاه وحفظه من أساليبهم , وترتيب ألفاظهم , فتحصل له هذه الملكة بهذا الحفظ والإستعمال , ويزداد بكثرتهما رسوخا وقوة ) .
ومع ذلك فإن الكاتب عليه أن يختار محفوظاته من الكلام العربي القديم , فيحفظ من ذلك الكلام الأشعار والمنثورات العالية الطبقة ويبتعد عن الأنواع النازلة , وذلك حتى يحافظ على جودة ملكة الكتابة لديه , يقول الإمام ابن خلدون : ( قد قدمنا أنه لا بد من كثرة الحفظ لمن يروم تعلم اللسان العربي , وعلى قدر جودة المحفوظ وطبقته في جنسه وكثرته وقلته , تكون جودة الملكة الحاصلة عنه للحافظ , فمن كان محفوظه من أشعار العرب الإسلاميين شعر حبيب أو العتابي أو ابن المعتز أو ابن هانئ أو الشريف الرضى , أو رسائل ابن المقفع أو سهل ابن هارون أو ابن الزيات أو البديع أو الصابئ , تكون ملكته أجود وأعلى مقاما ورتبة في البلاغة ممن يحفظ أشعار المتأخرين مثل شعر ابن سهل أو ابن النبيه أو ترسل البيساني أو العماد الأصبهاني , لنزول طبقة هؤلاء عن أولئك , يظهر ذلك للبصير الناقد صاحب الذوق , وعلى مقدار جودة المحفوظ أو المسموع تكون جودة الإستعمال من بعده , ثم إجادة الملكة من بعدهما , فبارتقاء المحفوظ في طبقته من الكلام ترتقي الملكة الحاصلة , لأن الطبع إنما ينسج على منوالها , وتنموا قوى الملكة بتغذيتها ) .
4-الخطب :
الخطب هي الأصل في فن الكتابة وعلى منوالها نسج هذا الفن , وبها استقامت أركانه , لذلك تكاد تجمع كلمة علماء العربية على أن حفظ الخطب أمر ضروري ولازم لتكوين ملكة الكتابة لدى الشخص . جاء في صبح الأعشى : ( وهي من آكد ما يحتاج إليه الكاتب , وذلك أن الخطب من مستودعات سر البلاغة , ومجامع الحكم , بها تفاخرت العرب في مشاهدهم , وبها نطقت الخلفاء والأمراء على منابرهم ,بها يتميز الكلام , ويخاطب الخاص و العام , وعلى منوال الخطابة نسجت الكتابة , وعلى طريق الخطباء مشت الكتاب ) .
وقد كانت الخطابة من الفنون النادرة العالية المرتبة في الجاهلية والإسلام , والتي لا تتأتي إلا للخطباء الفصحاء في اللغة العربية من سادات العرب ورؤسائهم , وكانت تقال في المناسبات النادرة الكبيرة والمحافل العظيمة , وذلك بخلاف الشعر الذي كان يتعاطاه الخاصة والعامة منهم لسهولة حفظه وشيوعه بينهم .
ولا شك أن من يحفظ الخطب البليغة يجني فوائد جمة , لأنه يسهل عليه التعبير عن الأفكار والمعاني بالكلام البليغ , وتفيض عليه وقت الحاجة الألفاظ والعبارات المناسبة والسهلة للمعنى أو الفكرة التي يريد التعبير عنها .
5-الشعر :
يوصف الشعر بأنه ديوان العرب , لأن فيه تاريخهم وأخبارهم وأيامهم ودولهم , وفيه لغتهم وأساليبهم وآدابهم , ولذلك فإنه لا غنى للكاتب عن حفظه لتكوين ملكة الكتابة لديه وتجويدها , وهو على أنواع , فمنه شعر العرب في الجاهلية مثل المعلقات , وشعر الحماسة , والمفضليات , والأصمعيات , .. الخ , ومنه شعر المولدين من العرب , وهم الذين كانوا في أول الإسلام مثل : جرير والفرزدق والأخطل ونحوهم , ومنهم المحدثين مثل أبو تمام والبحتري والمتنبي ونحوهم . أما شعر العرب والمولدين فلا يستغني الكاتب عن حفظه لما فيه ذلك من غزارة المواد , الأمثال , والمعاني المخترعة , وأصول اللغة وشواهدها ونوادرها .
وأما شعر المحدثين فيتميز بالصناعة وتوليد المعاني اللطيفة وقربه من الكتابة والخطابة , ولذلك فإن حفظ هذه الأشعار وتدبر معانيها يسهل على الكاتب عند الحاجة استعمال الفاظها واقتباس معانيها .
وإذا أكثر الكاتب من حفظ الشعر فإنه تتوارد عليه الألفاظ والمعاني عند حاجته إلى التعبير عن معنى أو فكرة , فيسهل عليه استعمال هذه الألفاظ للتعبير عنها ويصوغ أفكاره في ألفاظ رشيقة قريبة المأخذ سهلة الفهم .
قال في صبح الأعشى : ( فإن الشعر هو المادة الثالثة للكتابة بعد القرآن الكريم والأحاديث النبوية وخصوصا أشعار العرب فإنها ديوان أدبهم ومستودع حكمهم وأنفس علومهم في الجاهلية , فإذا أكثر من حفظ الشعر وفهم معانيه , غزرت لديه المواد , وترادفت عليه المعاني , وتواردت على فكره ) .
يرى الإمام ابن الأثير أن الطريقة المثلى والعليا في تعلم فن الكتابة هي حفظ أجزاء من القرآن الكريم و من الأحاديث النبوية ومجموعة من دواوين الشعر لفحول الشعراء . وهذه الطريقة عنده هي أعلى الطرق في تعلم فن الكتابة والجاري عليها يبلغ درجة الاجتهاد ويكون إمام في صناعة الكتابة , يقول في كتابه المثل السائر : ( الثالثة : أن لا يتصفح كتابة المتقدمين , ولا يطلع على شيء منها , بل يصرف همه إلى حفظ القرآن الكريم , وكثير من الأخبار النبوية , وعدة من دواوين فحول الشعراء ممن غلب على شعره الإجادة في المعاني والألفاظ , ثم يأخذ في الإقتباس من هذه الثلاثة , أعني القرآن والأخبار النبوية والأشعار , فيقوم ويقع , ويخطئ ويصيب , ويضل ويهتدي , حتى يستقيم على طريقة يفتتحها لنفسه ...
وهذه الطريق هي طريق الإجتهاد , وصاحبها يعد إماما في فن الكتابة )
ويقول : ( ومن آتاه الله في القرآن بصيرة فإنه يسبك ألفاظه ومعانيه في كلامه ويستغني به عن غيره , إلا أنه ينبغي أن يكون فيه صواغا يخرج منه ضروب المصوغات , أو صرافا يتجهبذ في نقوده المختلفة من الذهب المختلف الألوان , ولا أقول من الفضة , فإنه ليس فيه من الفضة شيء وهو أعلى من ذلك , ...
واعلم أن المتصدي لحل معاني القرآن الكريم يحتاج إلى كثرة الدرس , فإنه كلما ديم على درسه ظهر من معانيه ما لم يظهر من قبل .
وهذا شيء جربته وخبرته , فإني كنت آخذ سورة من السور , وأتلوها وكلما مر بي معنى أثبته في ورقة مفردة , حتى أنتهي إلى آخرها , ثم آخذ في حل تلك المعاني التي أثبتها واحدا بعد واحد , ولا أقنع بذلك حتى أعاود تلاوة تلك السورة , وأفعل مثلما فعلته أولا , وكلما صقلتها بالتلاوة مرة بعد مرة ظهر في كل مرة من المعاني ما لم يظهر في المرة التي قبلها ) .
2-الأحاديث النبوية :
وما يجري على القرآن يجري على السنة النبوية , والرسول صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم , فألفاظه في تعبيرها عن المعاني لا يماثلها شيء من الألفاظ , مثال ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (( الآن حمى الوطيس )) فهذا التعبير لم يسمع قبله من غير رسول الله , ولوقلت (( استعرت الحرب )) لما كان في مثل جمال هذا التعبير وقوته .
, كما أن الأحاديث النبوية تتسم بالإيجاز , بمعنى أنها تجمع المعاني الكثيرة في الفاظ قليلة .
ولذلك فإن حفظ الأحاديث النبوية يرتقي بملكة الكتابة لدى الكاتب ويكسبه من حلاوة الكلام وسحر المعنى ما لا يحصل له لو اقتصر فقط على حفظ الخطب والأشعار .
3-حفظ كلام العرب القديم
تحصل ملكة الكتابة للشخص بحفظ كلام العرب القديم وأخبارهم وأيامهم , وكلام العرب القديم ينقسم إلى نوعين : منظوم ومنثور , فالمنظوم هو الشعر , وأما المنثور فهو الخطب والرسائل والمكاتبات والوقائع والأيام المشهورة ونحوها .
والعلم الذي يعنى بكلام العرب القديم المنظوم والمنثور هو علم الأدب , وهو علم ليس له قوانين معينة وإنما المقصود منه هو ثمرته وهي الإجادة في الكتابة وتأليف الكلام , ولذلك فهم يعرفونه فيقولون : الأدب هو حفظ أشعار العرب وأخبارها . وتوجد في هذا العلم كتب مشهورة هي أركان هذا العلم مثل البيان والتبيين للجاحظ , والكامل للمبرد , والأمالي لأبي علي القالي , وكتاب الأغاني للأصفهاني ونحو ذلك .
ويجب على الكاتب أن يأخذ نفسه بحفظ أنواع من الكلام العربي القديم الموجود في هذه الكتب لكي تنشأ لديه ملكة الكتابة والقدرة على صياغة الكلام والتعبير عن الأفكار . يقول الإمام ابن خلدون : ( ووجه التعليم لمن يبتغي هذه الملكة ويروم تحصيلها , أن يأخذ نفسه بحفظ كلامهم القديم الجاري على أساليبهم من القرآن والحديث , وكلام السلف , ومخاطبات فحول العرب في أسجاعهم وأشعارهم , وكلمات المولدين أيضا في سائر فنونهم , حتى يتنزل لكثرة حفظه لكلامهم من المنظوم والمنثور منزلة من نشأ بينهم ولقن العبارة عن المقاصد منهم , ثم يتصرف بعد ذلك في التعبير عما في ضميره على حسب عباراتهم , وتأليف كلماتهم , وما وعاه وحفظه من أساليبهم , وترتيب ألفاظهم , فتحصل له هذه الملكة بهذا الحفظ والإستعمال , ويزداد بكثرتهما رسوخا وقوة ) .
ومع ذلك فإن الكاتب عليه أن يختار محفوظاته من الكلام العربي القديم , فيحفظ من ذلك الكلام الأشعار والمنثورات العالية الطبقة ويبتعد عن الأنواع النازلة , وذلك حتى يحافظ على جودة ملكة الكتابة لديه , يقول الإمام ابن خلدون : ( قد قدمنا أنه لا بد من كثرة الحفظ لمن يروم تعلم اللسان العربي , وعلى قدر جودة المحفوظ وطبقته في جنسه وكثرته وقلته , تكون جودة الملكة الحاصلة عنه للحافظ , فمن كان محفوظه من أشعار العرب الإسلاميين شعر حبيب أو العتابي أو ابن المعتز أو ابن هانئ أو الشريف الرضى , أو رسائل ابن المقفع أو سهل ابن هارون أو ابن الزيات أو البديع أو الصابئ , تكون ملكته أجود وأعلى مقاما ورتبة في البلاغة ممن يحفظ أشعار المتأخرين مثل شعر ابن سهل أو ابن النبيه أو ترسل البيساني أو العماد الأصبهاني , لنزول طبقة هؤلاء عن أولئك , يظهر ذلك للبصير الناقد صاحب الذوق , وعلى مقدار جودة المحفوظ أو المسموع تكون جودة الإستعمال من بعده , ثم إجادة الملكة من بعدهما , فبارتقاء المحفوظ في طبقته من الكلام ترتقي الملكة الحاصلة , لأن الطبع إنما ينسج على منوالها , وتنموا قوى الملكة بتغذيتها ) .
4-الخطب :
الخطب هي الأصل في فن الكتابة وعلى منوالها نسج هذا الفن , وبها استقامت أركانه , لذلك تكاد تجمع كلمة علماء العربية على أن حفظ الخطب أمر ضروري ولازم لتكوين ملكة الكتابة لدى الشخص . جاء في صبح الأعشى : ( وهي من آكد ما يحتاج إليه الكاتب , وذلك أن الخطب من مستودعات سر البلاغة , ومجامع الحكم , بها تفاخرت العرب في مشاهدهم , وبها نطقت الخلفاء والأمراء على منابرهم ,بها يتميز الكلام , ويخاطب الخاص و العام , وعلى منوال الخطابة نسجت الكتابة , وعلى طريق الخطباء مشت الكتاب ) .
وقد كانت الخطابة من الفنون النادرة العالية المرتبة في الجاهلية والإسلام , والتي لا تتأتي إلا للخطباء الفصحاء في اللغة العربية من سادات العرب ورؤسائهم , وكانت تقال في المناسبات النادرة الكبيرة والمحافل العظيمة , وذلك بخلاف الشعر الذي كان يتعاطاه الخاصة والعامة منهم لسهولة حفظه وشيوعه بينهم .
ولا شك أن من يحفظ الخطب البليغة يجني فوائد جمة , لأنه يسهل عليه التعبير عن الأفكار والمعاني بالكلام البليغ , وتفيض عليه وقت الحاجة الألفاظ والعبارات المناسبة والسهلة للمعنى أو الفكرة التي يريد التعبير عنها .
5-الشعر :
يوصف الشعر بأنه ديوان العرب , لأن فيه تاريخهم وأخبارهم وأيامهم ودولهم , وفيه لغتهم وأساليبهم وآدابهم , ولذلك فإنه لا غنى للكاتب عن حفظه لتكوين ملكة الكتابة لديه وتجويدها , وهو على أنواع , فمنه شعر العرب في الجاهلية مثل المعلقات , وشعر الحماسة , والمفضليات , والأصمعيات , .. الخ , ومنه شعر المولدين من العرب , وهم الذين كانوا في أول الإسلام مثل : جرير والفرزدق والأخطل ونحوهم , ومنهم المحدثين مثل أبو تمام والبحتري والمتنبي ونحوهم . أما شعر العرب والمولدين فلا يستغني الكاتب عن حفظه لما فيه ذلك من غزارة المواد , الأمثال , والمعاني المخترعة , وأصول اللغة وشواهدها ونوادرها .
وأما شعر المحدثين فيتميز بالصناعة وتوليد المعاني اللطيفة وقربه من الكتابة والخطابة , ولذلك فإن حفظ هذه الأشعار وتدبر معانيها يسهل على الكاتب عند الحاجة استعمال الفاظها واقتباس معانيها .
وإذا أكثر الكاتب من حفظ الشعر فإنه تتوارد عليه الألفاظ والمعاني عند حاجته إلى التعبير عن معنى أو فكرة , فيسهل عليه استعمال هذه الألفاظ للتعبير عنها ويصوغ أفكاره في ألفاظ رشيقة قريبة المأخذ سهلة الفهم .
قال في صبح الأعشى : ( فإن الشعر هو المادة الثالثة للكتابة بعد القرآن الكريم والأحاديث النبوية وخصوصا أشعار العرب فإنها ديوان أدبهم ومستودع حكمهم وأنفس علومهم في الجاهلية , فإذا أكثر من حفظ الشعر وفهم معانيه , غزرت لديه المواد , وترادفت عليه المعاني , وتواردت على فكره ) .