محمد الجبلي
06-09-2006, 10:40 AM
استيقظت فجرا , لم يكن يوما عاديا , كنت أشعر أنني رجعت إلى الوراء , نشاط غير عادي , وانشراح زائد , لله الحمد لله الحمد هذا ما تمتمت به وأنا أرتشف القهوة وآكل التمر
ذهبت إلى عملي , وأي عمل سيجده معلم دون طلبة , توقيع حضور ثم الجلوس للاستماع إلى أحاديث مملة تتكرر يوميا
ذاك السهم أرتفع , وتلك الشركة أفلست , وتلك المطربة تزوجت عرفيا , يا الله , تورم قلبي وأنا أشارك بابتسامة باهتة
وهزة رأس غبية , فتسللت منسحبا وركبت سيارتي , وأنا في الطريق تاقت نفسي إلى تناول فطوري في ذلك المطعم الصغير , الذي يعد فيه السودانيون ( الكبدة ) بطريقة ساحرة
دخلت المطعم ولكنه لم يعد ذلك المطعم الصغير , تمت توسعته , وتغير بلاطه وديكوره , وازداد عدد المكيفات
الشيء الوحيد الذي لم يتغير هو زبائن المطعم ولذة الأكل
وعمال المطعم , فعبد الوهاب ما زال نشيطا , والأمين ما زال عابسا , والعم جمعة ما زال قابعا على تلك الطاولة يحتسي الشاي , ولو فكرت دول شبه القارة الهندية في إعطاء وسام لأكثر المستهلكين للشاي فسيناله ذلك الرجل بالتأكيد
والمضحك أنه ما زال يعاني من عدم توفر الفكة , وما زال يكرر جملته وهو يهم بشرب فنجانه الخامس والثلاثين (( مافي فكة , خليهم بكرة يا زول )) ,
والأستاذ آدم مازال يقرأ الصحف , والطاولة التي في الزاوية ما زالت تدور عليها النقاشات مرة حول واقع السودان ومستقبله , ومرة حول واقع الأمة , لا ينقصهم إلا شريط متحرك على الجدار للأخبار , ليؤسسوا قناة إخبارية
عندما هممت بالجلوس إلى الطاولة رأيت شخصا مألوفا , وكعادتي كنت مخطئا , بادرني بالمصافحة وقال : أنت ( مشبه علي بشخص ؟ ) فقلت : نعم , ثم تعارفنا واكتشفت أنني لم أره في حياتي .
جلسنا سويا وفي انتظار الأكل كنت أتفرس في ملامحه دون خجل , تلك اللحية , وذلك الوجه المستدير الأبيض , الموسوم بعلامات الصلاح , وصغر السن يبدو عليه , ناقشني قائلا : تغيرت الدنيا ؟ فقلت له : بل ضاقت الصدور وتغيرت الأخلاق , فبدأ يحكي لي عما كان عليه الناس قديما , وكيف أن جده حدثه عن كيفية غض البصر عن الجارة وما إلى ذلك من شيم العرب
ثم دخل بي إلى ما أصبنا به من المجازفات في التحليل والتحريم دون دليل , وختم حديثه بأن الناس قد أصبحت على قدر من الوعي يجعلها تفرق بين الحلال والحرام فقلت له : يقول أحد الفقهاء – لا أتذكر اسمه وأظنه كان من أصحاب الكلام ثم تاب - : عليكم بدين العجائز فإن فيه الفطرة
وهذه المقولة قرأتها أمس في كتاب أحمد بن حنبل في الرد على الجهمية والزنادقة
فقطع علينا عبد الوهاب حديثنا بإحضار فطوري وفطوره الذي كان ينوي تناوله في المنزل , وبعد محاولات فاشلة في إقناعه بمشاركتي الفطور ودعني وخرج , وقبل أن يصل إلى الباب عاد إلي وقال : فرج الله عنك , فقد كانت ضائعة فدللتني عليها , فقلت له : من يبحث يجد , وكنت ستجدها سواء عندي أم عند غيري ما دمت باحثا
وسررت كثيرا بتلك الدعوة , وسررت كثيرا بذلك الشاب الذي أتمنى أن يقتدي به جميع شباب المسلمين في بحثه عن الحقيقة
الأربعاء 13 / شعبان / 1427 هـ
ذهبت إلى عملي , وأي عمل سيجده معلم دون طلبة , توقيع حضور ثم الجلوس للاستماع إلى أحاديث مملة تتكرر يوميا
ذاك السهم أرتفع , وتلك الشركة أفلست , وتلك المطربة تزوجت عرفيا , يا الله , تورم قلبي وأنا أشارك بابتسامة باهتة
وهزة رأس غبية , فتسللت منسحبا وركبت سيارتي , وأنا في الطريق تاقت نفسي إلى تناول فطوري في ذلك المطعم الصغير , الذي يعد فيه السودانيون ( الكبدة ) بطريقة ساحرة
دخلت المطعم ولكنه لم يعد ذلك المطعم الصغير , تمت توسعته , وتغير بلاطه وديكوره , وازداد عدد المكيفات
الشيء الوحيد الذي لم يتغير هو زبائن المطعم ولذة الأكل
وعمال المطعم , فعبد الوهاب ما زال نشيطا , والأمين ما زال عابسا , والعم جمعة ما زال قابعا على تلك الطاولة يحتسي الشاي , ولو فكرت دول شبه القارة الهندية في إعطاء وسام لأكثر المستهلكين للشاي فسيناله ذلك الرجل بالتأكيد
والمضحك أنه ما زال يعاني من عدم توفر الفكة , وما زال يكرر جملته وهو يهم بشرب فنجانه الخامس والثلاثين (( مافي فكة , خليهم بكرة يا زول )) ,
والأستاذ آدم مازال يقرأ الصحف , والطاولة التي في الزاوية ما زالت تدور عليها النقاشات مرة حول واقع السودان ومستقبله , ومرة حول واقع الأمة , لا ينقصهم إلا شريط متحرك على الجدار للأخبار , ليؤسسوا قناة إخبارية
عندما هممت بالجلوس إلى الطاولة رأيت شخصا مألوفا , وكعادتي كنت مخطئا , بادرني بالمصافحة وقال : أنت ( مشبه علي بشخص ؟ ) فقلت : نعم , ثم تعارفنا واكتشفت أنني لم أره في حياتي .
جلسنا سويا وفي انتظار الأكل كنت أتفرس في ملامحه دون خجل , تلك اللحية , وذلك الوجه المستدير الأبيض , الموسوم بعلامات الصلاح , وصغر السن يبدو عليه , ناقشني قائلا : تغيرت الدنيا ؟ فقلت له : بل ضاقت الصدور وتغيرت الأخلاق , فبدأ يحكي لي عما كان عليه الناس قديما , وكيف أن جده حدثه عن كيفية غض البصر عن الجارة وما إلى ذلك من شيم العرب
ثم دخل بي إلى ما أصبنا به من المجازفات في التحليل والتحريم دون دليل , وختم حديثه بأن الناس قد أصبحت على قدر من الوعي يجعلها تفرق بين الحلال والحرام فقلت له : يقول أحد الفقهاء – لا أتذكر اسمه وأظنه كان من أصحاب الكلام ثم تاب - : عليكم بدين العجائز فإن فيه الفطرة
وهذه المقولة قرأتها أمس في كتاب أحمد بن حنبل في الرد على الجهمية والزنادقة
فقطع علينا عبد الوهاب حديثنا بإحضار فطوري وفطوره الذي كان ينوي تناوله في المنزل , وبعد محاولات فاشلة في إقناعه بمشاركتي الفطور ودعني وخرج , وقبل أن يصل إلى الباب عاد إلي وقال : فرج الله عنك , فقد كانت ضائعة فدللتني عليها , فقلت له : من يبحث يجد , وكنت ستجدها سواء عندي أم عند غيري ما دمت باحثا
وسررت كثيرا بتلك الدعوة , وسررت كثيرا بذلك الشاب الذي أتمنى أن يقتدي به جميع شباب المسلمين في بحثه عن الحقيقة
الأربعاء 13 / شعبان / 1427 هـ