اعرض النسخة الكاملة : اليتيمة الجديدة...
بوحمد
01-05-2003, 11:08 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جارٌ لي -دكتور عراقي- زرته ألبارحه لأطمئن على أحواله خصوصاً أن عائلته (أمه وزوجته الأولى وأبنائه الأربعة) في بغداد ولا يُعلم عنهم شيئاً ..هل هم أحياء جوعا عطشى أم تراهم قتلى فيحتسبهم عند الله..؟! وحسبهم الله ونعم الوكيل..
جئته لأواسيه على ما أصاب بغداد وأبارك له بنفس الوقت على ولادة زوجته الثانية في بلاد الغربة!!
وجدته حزين مكتئب لا حول له ولا قوة فقد علمت أنه ذهب للسفارة الأمريكية والبريطانية يرجوهم أن يسمحوا له الذهاب للعراق للبحث عن عائلته وكل يوم يعدوه خيراً ولا يفوا بعهدهم (كعادة اليهود والنصارى) وذهب للسفارة الكويتية طالباً العون وردوه خائباً لمجرد أنه عراقي!!! لم ينفعه حتى تقبيل الأيادي...
وجدت الحزن قد أخذ منه كل مأخذ ولا يرد على أسئلتي ولكنه يحضن جهاز التسجيل ويسمع أغنية عراقية حزينة (مثل أغلب الأغاني العراقية!!وكأن الحزن قد كُتب على هذا البلد المنكوب منذ عقود!!).
"على الأقل قل لي سِّر شرودك مع هذا اللحن والكلمات الحزينة"
فجأة رأيته يرفع رأسه وينظر إلي بعيونه الغائرة التي يكتنفها حزن عميق وشجن يقطع القلب وقال وبحة الحزن والعبرة تطغي على حروفه...
"هذا الشريط هو آخر ما أرسلته لي زوجتي قبل الحرب وكانت ترجوني به أن أعود للعراق أو أرسل بطلبهم الى هنا....يعلم الله إني لم ...."
وأخذ يجهش بالبكاء....
هالني والله مارأيت...
خفت على كبرياءه وأنا أراه يبكي كالطفل ..
آثرت المغادرة فوراً...فلم يبق له سوى كبرياءه..
فلم أشأ أن أسلبه إياه...وقد سُلب منه بلده...
غادرت هامساً..لكِ الله ياعراق..
غادرت ولم تُغادركلمات الزوجة العراقية المعاتبة زوجها إذني:
إن تسألوني هل هذه القصة حقيقية أقول وما الفرق؟!
هل ما يحصل اليوم حقيقي أم هو خيال!
ولكني أقول كأن صاحبي هذا بأشجانه يقلد أبن زريق البغدادي بأحزانه!
يتيمـةُ اـن زريـقٍ جاءهـا سَـعْـدُأخـتٌ لهـا وُلـدت قُربـاً ومـا بُعْـدُ
مـا سـرّهُ مولـدٌ يبـكـي مناصـفـةًنصفٌ على غُربةٍ أخـرى لهـا عَهْـدُ
لا تعذليـه أيـا بغـدادَ مـن شـجـنٍتُدمـي القلـوبَ دمـوعٌ مالهـا خَــدُّ
لقيتـهُ خَرِبـاً هُــدَّتْ لــهُ هِـمَـمٌقلـبٌ بـهِ سَقَـمٌ عيـنٌ بهـا سُـهْـدُ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تعرف ياأبا حمد مامشكلتنا
مشكلتنا أن غالبيتنا العظمى حينما يشتد بهم الهم
يلجأون إلى الأغنية ..
صارت الأغنية هي مهربنا الوحيد من أحزاننا ..
واسمع لنزار قباني وهو يلخص لك الحال :
إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ
لأننا ندخُلها..
بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ
بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ
لأننا ندخلها..
بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ
السرُّ في مأساتنا
صراخنا أضخمُ من أصواتنا
وسيفُنا أطولُ من قاماتنا
خلاصةُ القضيّهْ
توجزُ في عبارهْ
لقد لبسنا قشرةَ الحضارهْ
والروحُ جاهليّهْ...
بالنّايِ والمزمار..
لا يحدثُ انتصار
كلّفَنا ارتجالُنا
خمسينَ ألفَ خيمةٍ جديدهْ
لا تلعنوا السماءْ
إذا تخلّت عنكمُ..
لا تلعنوا الظروفْ
فالله يؤتي النصرَ من يشاءْ
وليس حدّاداً لديكم.. يصنعُ السيوفْ
الرسول -صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بأننا سنلقى
فتناً كقطع الليل المظلم .. مالمهرب منها ؟!!
هل قال .. الأغنية الحزينة التي أهدتني إياها زوجتي قبل الرحيل !!
هل قال .. لعنة الحكام في القصائد !!
هل قال .. نزاع الكويتين في غرف المحادثة !!
لا .. بل قال
كتــــــــــــــــــــــــــاب الله .. فيه سنن من قبلكم , وحكم مابينكم ,
وخبر مابعدكم
من تركه من جبار قصمه الله
ومن ابتغى العزة في غيره أذله الله
واقعنا ياأخي الحبيب أننا قرأنا على صفحات المواقع
وعبر حروف الجرائد
أكثر مماقرأنا في كمال الآيات .
واقعنا أننا أبدعنا في رمي مصائبنا بأخطاء غيرنا
ونسينا بجاحة جرائمنا .
لاأخفيك ياأخي .. كلماتك وطئت على الجرح.. فلازلنا في غينا
لاهين .. وعن كتاب الله غافلين .
والله المستعان , وعليه التكلان .
بوحمد
02-05-2003, 07:59 PM
أحسنت والله القول أخي الحبيب
وأصبت كبد الحقيقة ولكن..
لكي نرى الحقيقة فلاحاجة بنا للعين وإنما القلب...
فما أكثر الحقائق التي نراها بالعين يومياً!!
أليس قتل الأطفال في البلاد الأسلامية حقيقة؟ نراها يومياً
أليس إغتصاب النساء المسلمات حقيقة؟نراها يومياً
أليس إهانة وتشريد وذبح المسلمين يومياً حقيقة؟نراها يومياً
أليس تعقب علماء المسلمين وإبادتهم على أيدي كوماندوز صهيوني حقيقة؟نراها يومياً
فكل هذه الحقائق تبصرها أعيننا حتى صرنا نستغرب من أي يومٍ يمر بدون أن نرى أو نسمع خبر قتل أو تهجير أو إذلال مسلم!!!
فما فائدة ما تبصره العين بدون قلب؟!
والقلوب أراها ثلاثة أنواع:
نوع يعي ويحزن فيعمل وهو القلب الشجاع مثل قلب أخي سامح..
ونوع يعي ويحزن فيبكي كالنساء وهو القلب الجبان مثل قلب بوحمد..
ونوع يعي ويفرح ويشمت وهو قلب الخونة وما أكثرهم ولاحول ولاقوة إلا بالله...
وهناك نوع رابع لم أدرجه..وهو القلب الجامد فهو لايعي ولا يحزن ولا يحس -وهم كُثر ولاحول ولا قوة إلا بالله. فلا تسمع لهم حس فلا تدري مع أي فريق هم؟! ولذلك لم أشغل نفسي حتى بتصنيفه ...
عليه فأنت ترى أخي سامح إن من يلجأ للشعر والأغاني الحزينة لايملك قلبك الشجاع ولكنه في نفس الوقت لم يدنسه قلب الخائن وعلى الأقل فقلبه الجبان هذا يميزه عن القلب الجماد...فقد ساهم بدموعه على الأقل ومثل هذا إن لم ترجو خيره فستأمن على الأقل أن لاشر له!!!
وأظن النوع الجبان هم اليوم الغالبية...
وحسبي الله ونعم الوكيل..
بوحمد
بوحمد
02-05-2003, 10:09 PM
ولإتمام الفائدة ولأن مثل اليتيمة لا يمر عليها مرور الكرام فحسب بل يجب سردها بالكامل ...فها هي كامل القصة والقصيدة الوحيدة له ليتزين بها المنتدى ويبكيها أمثالي:
أضطر أبن زريق -رحمه الله- منذ قرون مغادرة زوجته وبغداد بحثاً عن الرزق حتى وصل المغرب بعد أن أعياه طلب الرزق بلا طائل وهده الشوق لزوجته تذكر توسلها له بعدم الرحيل ولكن لم تنفعه أو تنفعها التوسلات ...فما كتبه الله كائن...وُجدت جثة شاعرنا في بلاد الغربة وتحت رأسه هذه اليتيمة لتحكي قصته بل مأساته...
ويا سبحان الله فما أشبه اليوم بالبارحة !! فها هو شعب العراق كله بات غريباً داخل وطنه!!ولا حول ولا قوة إلا بالله...
أرجوكم استشعروا صورة شعب العراق وما يعانيه اليوم خلال قراءة كل بيت من هذه الرائعة المبكية ..قمر بغداد:
لا تــعذليـــه فـــإن العـــذل يولــعــه=قـد قلت حقـاً ، ولكـن ليس يسمعهُ
جــاوزت فــي لومـــه حــداً أضـر بـه=مـــن حيــث قــدرتِ أن اللـوم ينفعــهُ
فاستعملي الرفق في تأنيـبه بــدلاً=مــن عذله، فهو مضنى القلب موجعهُ
قـــد كان مضطلعاً بالخطـب يحملــه=فــضيِّقــت بخطــــوب الدهـــر أضلعــه
يكفيه من لوعة التـشـتـيت أن لـــه=مـــن النـــوى كـــلَّ يــوم مــا يـروّعــه
مــا آب مـــن سفــر ٍ إلا وأزعــجــه=رأي إلـــى سفــر ٍ بالعـــزم يــزمـــعـه
كــــأنمـــا هـو في حل ٍ ومـرتحــل=مـــوكّـــل بــــفــضـــاء الله يــــذرعـــه
إن الزمـــان أراه في الرحيل غنىً=ولـــو إلــى السنـد أضحى وهو يزمعه
ومـــا مجـــاهـــدة الإنسان توصلـه=رزقـــاً ولا دعــة الإنـــســان تـقــطعــه
قــد وزع الله بـيــن الخلق رزقهمُ=لــم يــخلــق اللهُ مــن خلـق ٍ يضيّعــه
لكنهم كلِفـوا حرصاً ، فلست ترى=مسترزقــاً ، وســوى الـغـايـات تقنعه
والحرص في الرزق والأرزاق قد قُسمت=بـغــي ، ألا إن بغـــي المرء يصرعه
والدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه=إرثـــاً ، ويـمنـعـــه من حيـث يطمعه
استـــودع الله فـــي بغــداد لي قمراً=بالــكــرخ مــن فلك الأزرار مطلـعـه
ودعــتــه وبــودّي لـــو يـــودعــنـي=صــفـــو الحــيـــاة وأنـــي لا أودعــه
وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحىً=وأدمــعــي مــسـتـهـلات وأدمــعــه
لا أكــذب الله ، ثـــوب الصبر منخرقٌ=عــنــي بفــرقـتــه ، لـكـن أرقّـعــه
إنـي أوســع عــذري فــي جنـايتـه=بــالبـيـن عنـه ، وجرمي لا يوسعه
رُزقت ملكــاً فلــم أحسن سياسته=وكــلُّ مـن لا يسوس المُلك يخلعه
ومـــن غــدا لابساً ثوب النعيــم بلا=شـكر ٍ عليــه ، فــإن الله يــنــزعــه
اعتضتُ من وجه خلي بعد فـرقـتـه=كـأســـاً أُجـــرّع مــنــهــا مـا أجرّعه
كم قائلٍ لي ذقت البين ، قلت له:=الــذنــبُ ذنــبـــي لــسـت أدفــعــه
ألا أقــمــت فــكـان الرشد أجمعـه=لــو أنـنـي يــوم بــان الـرشد أتبعـه
إنــي لأقطـــع أيــامــي وأنـفـدهـا=بــحسـرةٍ مـنـه فـي قلبـي تُقطّعـه
بــمــن إذا هـــجــع النوّام بـتُ لـه=بـلوعةٍ منـه ليلـي، لست أهـجـعـه
لا يطمئن لجنبي مضجعٌ ، وكـــذا=لا يطمئـن لـــه مــذ بِـنـتُ مضـجعـه
ما كنت أحسب أن الدهر يفجعني=بـــه ، ولا أن بــي الأيــام تفجـعــه
حتى جرى البين فـيـما بـيننا بيــدٍ=عـــســراء ، تمنعني حظي وتمنعه
قد كنت من ريب دهري جازعاً فرِقاً=فــلــم أوقَّ الــذي قـد كنت أجزعه
بالله يا منزل العيش الذي درست=آثــاره ، وعفـــت مــذ بـنـتُ أربـعـــه
هـــل الــزمــان مُعيــد فيك لذتـنـا=أم الليــالــي التـي أمضتــه تُـرجعـه
فـــي ذمـــة الله من أصبحت منزله=وجـــاد غــيــث علـى مغناك يُمرعه
مـــن عنـــده لـــي عهــد لا يضيعه=كــمـــا لـــه عهــد صدقٍ لا أضيّـعـه
ومــن يـصـدّع قــلبــي ذكــره ، وإذا=جــرى علــى قلـبـه ذكري يصدّعه
لأصـبـرن لـــدهـــر ٍ لا يـمتـعـــنـــي=بــه ، ولا بـــي فـــي حــال ٍ يمتعه
عـــلــمـــاً بأن اصطباري مُعقبٌ فرجاً=فأضــيـــق الأمــر إن فكـرت أوسعه
عسى الليالي التي أضنت بفرقـتـنا=جسمي ، ستجمعني يوما وتجمعه
وإن تـــغـــل أحـــداً مـــنـــا منـيـتــه=فـــمــا الـــذي بـقضــاء الله يصنعـــه
vBulletin® v4.2.2, Copyright ©2000-2021, Jelsoft Enterprises Ltd. تعريب شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ