ضاد
28-02-2008, 01:30 PM
إن من بين التعريفات الموضوعة للغة أو اللسان عموما تعريفا يقول بأن اللغة كائن حي "بيولوجي" يستند إلى نظرية أن اللغة تنشأ وتشب وتتطور ثم تموت, مثل الكائنات الحية, غير أن مدة الحياة أطول بكثير من مدة حياة أي كائن حي والتطورات التي تطرأ على اللغة قد تكون بطيئة وتمتد إلى عدة قرون. وما يهمنا في هذه المقولة هو مسألة "التطور" وهذا التطور يمثلونه بالشجرة التي تطول أغصانها وتورق وتثمر من بعد ما كانت غير ذات ذي ورق ولا ثمر. ويطرأ التطور على اللغة في الزاد اللفظي وفي البناء. ويكون التطور في الزاد اللفظي على وجهين:
1- الإثراء بالاستدخال: وهو إثراء مفردات لغة ما بإدخال مفردات من لغة أخرى تحمل معاني ليس لها دوالّ في اللغة الأولى, ويسمى هذا الفعل بالتلاقح اللغوي وهو أمر مشهود به في كل اللغات ويقع أكثر ما يقع بين لغات الجماعات اللغوية المتقاربة في الأرض أو التي تكون بينها اتصال عن طريق المعاملات التجارية مثلا.
2- الإثراء بالاشتقاق: وهو عن طريق آليات تسمح بها اللغة من أجل خلق ألفاظ جديدة لمعاني جديدة يحتاجها المتكلم.
أما التطور في البناء فإنه يطرأ على الأساليب والتراكيب النحوية في لغة ما نتيجة للتغيرات المدنية والسياسية والعقدية على سبيل الذكر, فإذا تطورت الأساليب فذلك يعني خلق أساليب جديدة للتعبير عن أشياء أو مفاهيم أو وقائع لم تكن واردة في اللغة ولا في حياة الناس مثل الأساليب الفقهية أو القضائية. وإذا تطورت التراكيب النحوية فذلك يعني تطويع النحو للتعبير عن أشياء أو مفاهيم أو وقائع لم يكن قادرا على تأديتها أو استدخال تراكيب نحوية من لغات أخرى لعمل الشيء نفسه, مثل كاف التخصيص التي انتشرت في العربية الحديثة استدخالا من الفرنسية والإنكليزية.
كانت هذه مقدمة لمسألة وددت أن أطرحها للنقاش العلمي الجاد. إذا آمننا بالتطور وهو واقع فإن السؤال المطروح, أو الأسئلة المطروحة, كيف ترون التطور في العربية؟ هل هو لفظي أو نحوي؟ وكيف؟ هل هو ضرورة من فوق أو حاجة من تحت؟ أي هل أن هذا التطور فرض نفسه نتيجة للتغيرات المذكورة أو أنه حاجة الناس إلى عربية أسهل جعلتهم يطورونها حسب ذلك؟ هل اللهجات تطور طبيعي للفصحى؟ أو أنها لغات موازية؟ ولكن أهم سؤال في الموضوع بالنسبة إليّ هو إذا قلنا بالتطور فهل نستطيع أن نقول بالمرجعية التي يقاس عليها هذا التطور؟ أي: إذا كانت اللغة تتطور فهل مقارنة العربية في زمن ما بها في زمن سابق يهدف إلى مجرد المقارنة أو تخطيئ الأولى؟ أي: هل في قولنا في مسألة لغوية لفظية أو نحوية: "هذا لم تقله العرب" نفي للغة الحاضرة وتجميد للغة عند زمن سابق متروك؟ وهل الاختلاف بينهما اختلاف تطور طبيعي مقبول أو اختلاف تطور طبيعي مرفوض؟ ومتى تصبح اللغة الحاضرة مرجعية لذاتها؟
أكثرت عليكم بالأسئلة فسددوا وقاربوا. آمل أن يكون النقاش ثريا, وكيف لا والمنتدى ما شاء الله يعج بالأساتذة الأفذاذ.
وشكرا لكم.
1- الإثراء بالاستدخال: وهو إثراء مفردات لغة ما بإدخال مفردات من لغة أخرى تحمل معاني ليس لها دوالّ في اللغة الأولى, ويسمى هذا الفعل بالتلاقح اللغوي وهو أمر مشهود به في كل اللغات ويقع أكثر ما يقع بين لغات الجماعات اللغوية المتقاربة في الأرض أو التي تكون بينها اتصال عن طريق المعاملات التجارية مثلا.
2- الإثراء بالاشتقاق: وهو عن طريق آليات تسمح بها اللغة من أجل خلق ألفاظ جديدة لمعاني جديدة يحتاجها المتكلم.
أما التطور في البناء فإنه يطرأ على الأساليب والتراكيب النحوية في لغة ما نتيجة للتغيرات المدنية والسياسية والعقدية على سبيل الذكر, فإذا تطورت الأساليب فذلك يعني خلق أساليب جديدة للتعبير عن أشياء أو مفاهيم أو وقائع لم تكن واردة في اللغة ولا في حياة الناس مثل الأساليب الفقهية أو القضائية. وإذا تطورت التراكيب النحوية فذلك يعني تطويع النحو للتعبير عن أشياء أو مفاهيم أو وقائع لم يكن قادرا على تأديتها أو استدخال تراكيب نحوية من لغات أخرى لعمل الشيء نفسه, مثل كاف التخصيص التي انتشرت في العربية الحديثة استدخالا من الفرنسية والإنكليزية.
كانت هذه مقدمة لمسألة وددت أن أطرحها للنقاش العلمي الجاد. إذا آمننا بالتطور وهو واقع فإن السؤال المطروح, أو الأسئلة المطروحة, كيف ترون التطور في العربية؟ هل هو لفظي أو نحوي؟ وكيف؟ هل هو ضرورة من فوق أو حاجة من تحت؟ أي هل أن هذا التطور فرض نفسه نتيجة للتغيرات المذكورة أو أنه حاجة الناس إلى عربية أسهل جعلتهم يطورونها حسب ذلك؟ هل اللهجات تطور طبيعي للفصحى؟ أو أنها لغات موازية؟ ولكن أهم سؤال في الموضوع بالنسبة إليّ هو إذا قلنا بالتطور فهل نستطيع أن نقول بالمرجعية التي يقاس عليها هذا التطور؟ أي: إذا كانت اللغة تتطور فهل مقارنة العربية في زمن ما بها في زمن سابق يهدف إلى مجرد المقارنة أو تخطيئ الأولى؟ أي: هل في قولنا في مسألة لغوية لفظية أو نحوية: "هذا لم تقله العرب" نفي للغة الحاضرة وتجميد للغة عند زمن سابق متروك؟ وهل الاختلاف بينهما اختلاف تطور طبيعي مقبول أو اختلاف تطور طبيعي مرفوض؟ ومتى تصبح اللغة الحاضرة مرجعية لذاتها؟
أكثرت عليكم بالأسئلة فسددوا وقاربوا. آمل أن يكون النقاش ثريا, وكيف لا والمنتدى ما شاء الله يعج بالأساتذة الأفذاذ.
وشكرا لكم.