الهيثم 2
07-05-2004, 12:58 AM
من لمسات بيانية للدكتور فاضل السامرائي، ومن إعجاز القرآن للأستاذ محمد إسماعيل عتوك
أولاً- يقول الكتور فاضل:
لماذا قال الله تعالى أعطيناك ولم يقل آتيناك؟
أعطيناك: لماذا لم يقل آتيناك؟ هناك تقارب صوتي بين آتى وأعطى وتقارب من حيث المعنى أيضا لكن آتى تستعمل لما هو أوسع من أعطى في اللغة فقد يتقاربان.
آتى تستعمل لأعطى وما لا يصح لأعطى (يؤتي الحكمة من يشاء) (ولقد آتينا موسى تسع آيات) ( وآتيناهم ملكاً عظيماً). آتى تستعمل للرحمة، للحكمة، للأموال (وآتى المال على حبه) وتستعمل للرشد (وآتينا إبراهيم رشده). آتى تستعمل عادة للأمور المعنوية (لقد آتيناك من لدنا ذكرا) وقد تستعمل للأمور المادية أيضا.
أما أعطى فهي تستعمل في الأمور المادية فقط (وأعطى قليلاً وأكدى) (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى)
إذن آتى تستعمل للأموال وغير الأموال وأكثر استعمالها للأمور الواسعة والعظيمة كالملك والرشد والحكمة.
وأعطى للتخصيص على الأغلب وهناك أمور لا يصح فيها استعمال أعطى أصلا كالحكمة والرشد.
وما دامت كلمة آتى أوسع استعمالا فلماذا إذن لم يستعمل آتى بدل أعطى؟
الإيتاء يشمله النزع بمعنى انه ليس تمليكا إنما العطاء تمليك. والإيتاء ليس بالضرورة تمليكا (تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) (وآتيناه من الكنوز....ثم خسفنا به وبداره الأرض) إذن الإيتاء يشمله النزع أما العطاء فهو تمليك. في الملك يستعمل الإيتاء لأنه قد ينزعه سبحانه أما العطاء فهو للتمليك وبما انه تمليك للشخص فله حق التصرف فيه وليس له ذلك في الإيتاء. (رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي.... هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب) أي بما انه عطاء من الله تعالى لسيدنا سليمان فله حق التصرف في عطاء الله له.
وقد يكون الإيتاء آية فليس للنبي حق التصرف بها بل عليه تبليغها ورب العالمين ملك رسوله الكوثر وأعطاه إياه تمليكاً له أن يتصرف فيه كيفما شاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانيًا- يقول الأستاذ محمد إسماعيل عتوك في مقال له نشر في جريدة البيان الإماراتية:
20 Nov 2003 13:36:17 GMT
من اعجاز القرآن
تنزيل من رب عظيم
قال تعالى مخاطباً نبيه محمد صلى الله عليه وسلم «انا اعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر» الكوثر 1 ـ 2. وقال سبحانه: «ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم» الحجر 87. لماذا قال سبحانه في آية الكوثر: اعطيناك، وقال في آية الحجر: اتيناك؟.. وهل من فرق بين العطاء والايتاء؟ واجاب احدهم عن ذلك بأن العطاء والايتاء بمعنى واحد، إلا ان العطاء يكون في المال والايتاء يكون في غير المال، كالعلم، والرحمة ، والحكمة، الملك، ونحو ذلك.
واستدل على الأول بآية الكوثر السابقة، وبقوله تعالى «ولسوف يعطيك ربك فترضى» الضحى 4، وعلى الثاني بقوله تعالى: «ولقد آتينا داود وسليمان علماً» النمل 15، «وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب» ص 20، «آتيناه رحمة من عندنا» الكهف 65.
واضاف قائلاً: ان العطاء لا ينزع من المعطى له بخلاف الايتاء. واستدل على ذلك بقوله تعالى «هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب» ص 39.
وقوله تعالى: «قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك فمن تشاء» آل عمران 26.
وهنا لابد من ان نفرق بين العطاء والاعطاء.. اما العطاء فهو النوال، واما الاعطاء فهو الانالة، وهو مصدر للفعل اعطى، والعطاء اسم لهذا المصدر، تقول اعطيته اعطاء وعطاء، كما تقول: اكرمته اكراماً وكرماً، فالاول مصدر، والثاني اسم ـ له. ويختص بما هو صلة ويكون في المال وفي غيره.
ومثاله قوله تعالى ملبياً دعاء سليمان ـ عليه السلام ـ حين دعاه بقوله: «قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي انك انت الوهاب» ص 35. فأجابه سبحانه وتعالى: (فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ـ والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين بالاصفاد) ص 36 ـ 38. ثم قال له صلى الله عليه وسلم «هذا عطاؤنا فأمنن أو امسك بغير حساب» ص 39.
اي: هذا العطاء الذي اعطيناك من الملك والمال، والبسطة هو عطاؤنا، لا عطاء غيرنا، ف«أمنن، أو أمسك بغير حساب». أي: فأعط منه ما شئت، أو امنع، مفوض اليك التصرف فيه. أي غير محاسب على شيء من الأمرين.
ومثل ذلك قوله تعالى في عطاء المؤمنين: «وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والارض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ» هود 108، «إن للمتقين مفازا، حدائق واعنابا، وكواعب اترابا، وكأساً دهاقاً، لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا، جزاء من ربك عطاء حسابا» النبأ 36.
هذا هو الاصل في العطاء، ان يكون اسماً للمصدر اعطاء، اما الايتاء فأكثر اللغويين على تفسيره بالاعطاء.. والصحيح الذي عليه المحققون ان بين الايتاء والاعطاء فرقاً من وجهين:
احدهما: ان الايتاء يحتمل ان يكون واجباً، وان يكون واجبا، وأن يكون تفضلا. أما الاعطاء فإنه بالتفضل اشبه، نحو قوله تعالى: (انا أعطيناك الكوثر) الكوثر: 1. فهذا العطاء عطاءُ تفضل، بدليل ان الله سبحانه أمره بالصلاة، والنحر عقب ذلك، فقال جل جلاله: (فصل لربك وانحر)، ولو كان واجبا، لما امره بذلك. ومثله قوله تعالى:
(ولسوف يعطيك ربك فترضى) الضحى: 4. ثم قال له: (فأما اليتيم فلا تقهر ـ وأما السائل فلا تنهرـ وأما بنعمة ربك فحدث).
ولكون العطاء اشبه بالتفضل، خص دفع الصدقة، في القرآن الكريم بالايتاء، دون الاعطاء، لكونها واجبة، نحو قوله تعالى: (وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة) الانبياء: 73، وقوله تعالى: (أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة) البقرة: 277. فهذا من الايتاء الواجب، وهو في المال ـ كما ترى.
ومن الايتاد الواجب، في المال ـ ايضا ـ قوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة) النساء: 24. ومن الايتاء الذي يكون تفضلا، في غير المال قوله تعالى: (لقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد) سبأ: 10.
وثانيا: ان الاعطاء يستعمل في القليل، والكثير، من كل شيء، نحو قوله تعالى: (أفرأيت الذي تولى ـ وأعطى قليلا وأكدى) النجم: 33 ـ 34. وقوله تعالى: إنا أعطيناك الكوثر) الكوثر: 1. ولسوف يعطيك ربك فترضى) الضحى: 4، وقوله تعالى: (قال فمن ربكما يا موسىـ قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) طه: 50.
أما الايتاء فلا يستعمل الا في الشيء العظيم، مالا كان ذلك الشيء، او غيره، ومثاله قوله تعالى: (او يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيماً) النساء: 54، وقوله تعالى: (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء ان هذا لهو الفضل المبين) النمل: 15، وقوله تعالى: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا) النساء: 20.
ومن ذلك قوله تعالى: (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم). اي: قد اوتيت النعمة العظمى، التي كل نعمة، وإن عظمت، فهي اليها حقيرة ضئيلة، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم. وفي حديث ابي بكر رضي الله عنه: «من أوتي القرآن، فرأى ان أحدا أوتي من الدنيا افضل مما اوتي فقد صغر عظيما، وعظم حقيرا».
وقال الراغب الاصفهاني في كتابه (المفردات في غريب القرآن): «كل موضع ذكر في وصف الكتاب (آتينا) فهو ابلغ من كل موضع ذكر فيه ـأوتوا)، لأن (أوتوا)، قد يقال اذا اولي من لم يكن منه قبول، و(آتينا)، يقال فيمن كان منه قبول». فتأمل عظمة هذا الكلام، الذي يشهد انه تنزيل من رب عظيم!!
محمد اسماعيل عتوك
رياضة | فنون | منوعات | كتب وترجمات | الرأي | سياسة | محليات | اقتصاد | الأولى
حقوق الطبع محفوظة لمؤسسة البيان للطباعة والنشر
أولاً- يقول الكتور فاضل:
لماذا قال الله تعالى أعطيناك ولم يقل آتيناك؟
أعطيناك: لماذا لم يقل آتيناك؟ هناك تقارب صوتي بين آتى وأعطى وتقارب من حيث المعنى أيضا لكن آتى تستعمل لما هو أوسع من أعطى في اللغة فقد يتقاربان.
آتى تستعمل لأعطى وما لا يصح لأعطى (يؤتي الحكمة من يشاء) (ولقد آتينا موسى تسع آيات) ( وآتيناهم ملكاً عظيماً). آتى تستعمل للرحمة، للحكمة، للأموال (وآتى المال على حبه) وتستعمل للرشد (وآتينا إبراهيم رشده). آتى تستعمل عادة للأمور المعنوية (لقد آتيناك من لدنا ذكرا) وقد تستعمل للأمور المادية أيضا.
أما أعطى فهي تستعمل في الأمور المادية فقط (وأعطى قليلاً وأكدى) (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى)
إذن آتى تستعمل للأموال وغير الأموال وأكثر استعمالها للأمور الواسعة والعظيمة كالملك والرشد والحكمة.
وأعطى للتخصيص على الأغلب وهناك أمور لا يصح فيها استعمال أعطى أصلا كالحكمة والرشد.
وما دامت كلمة آتى أوسع استعمالا فلماذا إذن لم يستعمل آتى بدل أعطى؟
الإيتاء يشمله النزع بمعنى انه ليس تمليكا إنما العطاء تمليك. والإيتاء ليس بالضرورة تمليكا (تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) (وآتيناه من الكنوز....ثم خسفنا به وبداره الأرض) إذن الإيتاء يشمله النزع أما العطاء فهو تمليك. في الملك يستعمل الإيتاء لأنه قد ينزعه سبحانه أما العطاء فهو للتمليك وبما انه تمليك للشخص فله حق التصرف فيه وليس له ذلك في الإيتاء. (رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي.... هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب) أي بما انه عطاء من الله تعالى لسيدنا سليمان فله حق التصرف في عطاء الله له.
وقد يكون الإيتاء آية فليس للنبي حق التصرف بها بل عليه تبليغها ورب العالمين ملك رسوله الكوثر وأعطاه إياه تمليكاً له أن يتصرف فيه كيفما شاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانيًا- يقول الأستاذ محمد إسماعيل عتوك في مقال له نشر في جريدة البيان الإماراتية:
20 Nov 2003 13:36:17 GMT
من اعجاز القرآن
تنزيل من رب عظيم
قال تعالى مخاطباً نبيه محمد صلى الله عليه وسلم «انا اعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر» الكوثر 1 ـ 2. وقال سبحانه: «ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم» الحجر 87. لماذا قال سبحانه في آية الكوثر: اعطيناك، وقال في آية الحجر: اتيناك؟.. وهل من فرق بين العطاء والايتاء؟ واجاب احدهم عن ذلك بأن العطاء والايتاء بمعنى واحد، إلا ان العطاء يكون في المال والايتاء يكون في غير المال، كالعلم، والرحمة ، والحكمة، الملك، ونحو ذلك.
واستدل على الأول بآية الكوثر السابقة، وبقوله تعالى «ولسوف يعطيك ربك فترضى» الضحى 4، وعلى الثاني بقوله تعالى: «ولقد آتينا داود وسليمان علماً» النمل 15، «وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب» ص 20، «آتيناه رحمة من عندنا» الكهف 65.
واضاف قائلاً: ان العطاء لا ينزع من المعطى له بخلاف الايتاء. واستدل على ذلك بقوله تعالى «هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب» ص 39.
وقوله تعالى: «قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك فمن تشاء» آل عمران 26.
وهنا لابد من ان نفرق بين العطاء والاعطاء.. اما العطاء فهو النوال، واما الاعطاء فهو الانالة، وهو مصدر للفعل اعطى، والعطاء اسم لهذا المصدر، تقول اعطيته اعطاء وعطاء، كما تقول: اكرمته اكراماً وكرماً، فالاول مصدر، والثاني اسم ـ له. ويختص بما هو صلة ويكون في المال وفي غيره.
ومثاله قوله تعالى ملبياً دعاء سليمان ـ عليه السلام ـ حين دعاه بقوله: «قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي انك انت الوهاب» ص 35. فأجابه سبحانه وتعالى: (فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ـ والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين بالاصفاد) ص 36 ـ 38. ثم قال له صلى الله عليه وسلم «هذا عطاؤنا فأمنن أو امسك بغير حساب» ص 39.
اي: هذا العطاء الذي اعطيناك من الملك والمال، والبسطة هو عطاؤنا، لا عطاء غيرنا، ف«أمنن، أو أمسك بغير حساب». أي: فأعط منه ما شئت، أو امنع، مفوض اليك التصرف فيه. أي غير محاسب على شيء من الأمرين.
ومثل ذلك قوله تعالى في عطاء المؤمنين: «وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والارض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ» هود 108، «إن للمتقين مفازا، حدائق واعنابا، وكواعب اترابا، وكأساً دهاقاً، لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا، جزاء من ربك عطاء حسابا» النبأ 36.
هذا هو الاصل في العطاء، ان يكون اسماً للمصدر اعطاء، اما الايتاء فأكثر اللغويين على تفسيره بالاعطاء.. والصحيح الذي عليه المحققون ان بين الايتاء والاعطاء فرقاً من وجهين:
احدهما: ان الايتاء يحتمل ان يكون واجباً، وان يكون واجبا، وأن يكون تفضلا. أما الاعطاء فإنه بالتفضل اشبه، نحو قوله تعالى: (انا أعطيناك الكوثر) الكوثر: 1. فهذا العطاء عطاءُ تفضل، بدليل ان الله سبحانه أمره بالصلاة، والنحر عقب ذلك، فقال جل جلاله: (فصل لربك وانحر)، ولو كان واجبا، لما امره بذلك. ومثله قوله تعالى:
(ولسوف يعطيك ربك فترضى) الضحى: 4. ثم قال له: (فأما اليتيم فلا تقهر ـ وأما السائل فلا تنهرـ وأما بنعمة ربك فحدث).
ولكون العطاء اشبه بالتفضل، خص دفع الصدقة، في القرآن الكريم بالايتاء، دون الاعطاء، لكونها واجبة، نحو قوله تعالى: (وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة) الانبياء: 73، وقوله تعالى: (أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة) البقرة: 277. فهذا من الايتاء الواجب، وهو في المال ـ كما ترى.
ومن الايتاد الواجب، في المال ـ ايضا ـ قوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة) النساء: 24. ومن الايتاء الذي يكون تفضلا، في غير المال قوله تعالى: (لقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد) سبأ: 10.
وثانيا: ان الاعطاء يستعمل في القليل، والكثير، من كل شيء، نحو قوله تعالى: (أفرأيت الذي تولى ـ وأعطى قليلا وأكدى) النجم: 33 ـ 34. وقوله تعالى: إنا أعطيناك الكوثر) الكوثر: 1. ولسوف يعطيك ربك فترضى) الضحى: 4، وقوله تعالى: (قال فمن ربكما يا موسىـ قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) طه: 50.
أما الايتاء فلا يستعمل الا في الشيء العظيم، مالا كان ذلك الشيء، او غيره، ومثاله قوله تعالى: (او يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيماً) النساء: 54، وقوله تعالى: (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء ان هذا لهو الفضل المبين) النمل: 15، وقوله تعالى: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا) النساء: 20.
ومن ذلك قوله تعالى: (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم). اي: قد اوتيت النعمة العظمى، التي كل نعمة، وإن عظمت، فهي اليها حقيرة ضئيلة، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم. وفي حديث ابي بكر رضي الله عنه: «من أوتي القرآن، فرأى ان أحدا أوتي من الدنيا افضل مما اوتي فقد صغر عظيما، وعظم حقيرا».
وقال الراغب الاصفهاني في كتابه (المفردات في غريب القرآن): «كل موضع ذكر في وصف الكتاب (آتينا) فهو ابلغ من كل موضع ذكر فيه ـأوتوا)، لأن (أوتوا)، قد يقال اذا اولي من لم يكن منه قبول، و(آتينا)، يقال فيمن كان منه قبول». فتأمل عظمة هذا الكلام، الذي يشهد انه تنزيل من رب عظيم!!
محمد اسماعيل عتوك
رياضة | فنون | منوعات | كتب وترجمات | الرأي | سياسة | محليات | اقتصاد | الأولى
حقوق الطبع محفوظة لمؤسسة البيان للطباعة والنشر