المساعد الشخصي الرقمي

اعرض النسخة الكاملة : الترجمة الاصطلاحية والغلط العلمي



ثناء حاج صالح
24-07-2017, 03:38 AM
السلام عليكم


كنت قد دعوت الدكتور ضياء الدين الجماس ،باعتباره عضوا في لجنة الترجمة في (المعجم الطبي الموحد )، لمناقشة خطإ علمي يرد في منهاج علم الأحياء للصف الثالث الثانوي في جميع الدول العربية . وقد وعد مشكورا بالمناقشة. هذه المقالة كنت قد كتبتها في عام 2008 أي منذ 9 سنوات تقريبا . ولا أجد الآن حاجة لتعديل شيء فيها بسبب استمرار الخطأ الذي تتحدث عنه المقالة حتى الآن ، كما كان مستمرا لعقود مضت قبل كتابتها .




الترجمة الاصطلاحية والغلط العلمي

ثناء حاج صالح

مقدمة
تمتلك المصطلحات اللغوية تلك القدرة المميزة على تشتيت انتباه القارئ المدقق ، وتضطره للوقوف أمامها دقيقة صمت ليستعرض مدخراته المعرفية واللغوية محاولاً إجراء المطابقة بين إمكانيات المصطلح وبين ما يرمي إليه من معنى . وقد يطول وقوف هذا القارئ الحائر أمام المصطلحات اللغوية التي لا يعرف لها جذوراً معرفية في ثقافته الخاصة عندما يواجهها في نص مكتوب بلغة أجنبية ، ومع ذلك سيتابع القراءة غاضاً الطرف عنها بإرادته أو بغير إرادته . فحينما تستطلع آداب الشعوب وثقافاتها تواجهك المصطلحات كإحدى الخصائص التي تعبر عن تمايز اللغات المختلفة تاريخياً واجتماعيا ً واقتصادياً وثقافياً ودينياً. لذلك علينا احترام المصطلحات و محاولة التمتع بفنونها وأشكالها وما تضفيه على اللغات من سمات التمايز والتلون ، لكن يجب التوقف عن احترامها عندما تتمادى لتشكل بوجودها خطراً على المفاهيم العلمية الأساسية التي يجب أن تكون محددة ودقيقة ومشتركة بين جميع لغات العالم .
بين عمومية المصطلحات ودقة المفاهيم الأساسية
نحن هنا نخوض في مشكلة الاتفاق على وضع مصطلحات لغوية عند ترجمة النصوص العلمية من اللغة الإنكليزية إلى اللغة العربية دون مراعاة أنها تطرح مفاهيم علمية أساسية تبنى عليها قوانين واستنتاجات علمية أخرى . وبالتالي يحق لنا التساؤل عن نتائج الدمج غير المنطقي بين أهم صفات المصطلحات وهي ( العمومية) وأهم صفات المفاهيم العلمية الأساسية وهي (الدقة ) . مع التنويه إلى أن المفاهيم العلمية الأساسية وفق السير التاريخي لها إنما تحاول التخلص من جميع الشوائب التي تعترض طريقها بهدف الوصول إلى حالة من التجريد تمثل الصيغ والنماذج الرياضية التي تصل إلى درجة من التركيز والدقة تصبح فيها المعاني مكثفة وحرفية . أما المصطلحات اللغوية فإن آخر اهتماماتها هما الدقة والتركيز ، وأبعد مطمح عنها هو حرفية المعاني .فكيف لا يكون من التجني جمع الشمل بينهما ؟ ولعل من نتائج هذا الجمع الفاشل تلك الاستنتاجات العلمية المضحكة التي ترتبت على استخدام مصطلح ( الرؤية المجسمة ) ليشمل التعبير عن مفهومين علميين أساسيين دقيقين ومتغايرين هما (الرؤية الفراغية) و(الرؤية المفردة ) .
لماذا نرى الأشياء مجسمة ؟
إذا كنت طالباً أو مدرساً أو باحثا ً فالسؤال مطروح عليك ! وبوسعك البحث عن الإجابة . لكن أين ستبحث عنها ؟ أفي المراجع العربية أم الأجنبية ؟ إذ أن الأمر سيختلف بالنتيجة فإن كنت باحثاً في المراجع العربية فتوخ الحذر من التعثر بالمعلومات المغلوطة التي تقدمها لك التعابير الاصطلاحية ، وكيف لا تسقط في فخ المترجمين وأنت مضطر للأخذ بمصطلح تم تعميمه على جميع الدول العربية ليتم الاعتماد عليه في جميع المراجع المدرسية العربية ، ومن ثم تم تدريسه على ما هو عليه من وضوح الغلط منذ عقود ، فتعثر به من أراد الاستشهاد به خارج الكتب المدرسية ، وهو معذور في ذلك لأنه ظنه حقيقة علمية موثقة في المراجع العلمية ( العربية ) .
ومثال هذا ما ذكره الدكتور محمد راتب النابلسي في الصفحة 241 من كتابه (موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة – آيات الله في الإنسان ) حيث كتب )) كيف أن هذه العين تستطيع أن ترى البعد الثالث ! وهو العمق ...ترى الطول والعرض والعمق ، لو جعل الله لنا عيناً واحدة لرأينا بها الأشياء مسطحة لا مجسمة بأبعادها الثلاثة .. )) ، وجميعنا نعلم أن هذا الاستنتاج الذي توصل إليه الدكتور النابلسي غير صحيح علمياً ، بل إنه مثير للدهشة بسبب سهولة نقضه ، فنحن لا نرى الأشياء المجسمة مسطحة عندما ننظر إليها بعين واحدة ، بل نراها مجسمة سواء أنظرنا إليها بعين واحدة أو بالعينين معاً ، مع فارق بسيط في الوضوح والدقة ، ومن أحب التشكيك في هذا الكلام ما عليه إلاّ أن يغمض الآن إحدى عينيه وينظر بعين واحدة فقط ، ثم ليحكم بنفسه فيما إذا كان يرى الأشياء مسطحة مع أنها في الواقع مجسمة ، ومن كان يشكك في قراره الشخصي فليبحث عن شخص آخر قد ابتلاه الله بفقد إحدى عينيه ، وليتجرأ على اتهامه بأنه لا يرى الأشياء المجسمة مجسمة بل يراها مسطحة ، ثم ليتحمل هو - لا أنا ـ عواقب هذا الاتهام الخطير ، وما بالنا نستنكر هذا الاتهام ونحن نقدمه في مناهجنا المدرسية بكل شجاعة وحزم لكل طلاب الوطن العربي على أنه الحقيقة العلمية ! فقد ورد ـ على سبيل المثال ـ في كتاب علم الأحياء للصف الثالث الثانوي العلمي الصادر عن وزارة التربية في الجمهورية العربية السورية للعام الدراسي 2003 ـ 2004 في الصفحة 106 ما يلي ((أما سبب الرؤية المجسمة فيعود إلى تشكل خيالين للجسم نفسه على منطقتين متناظرتين من الشبكيتين الأمر الذي يسمح باندماجهما معاً في الباحة البصرية في المخ فيبدو الجسم بأبعاده الثلاثة . ويمكننا التحقق من صحة ذلك بالضغط على كرة إحدى العينين بحيث نغير مكان ارتسام خيال الجسم الموجود في الباحة المشتركة للرؤية بالعينين فنشاهد للجسم خيالين بدلاً من خيال واحد )) . وعدلت هذه الفقرة في العام 2006 ـ 2007 فأصبحت كما يلي (( يؤمن المخ الرؤية المجسمة حيث يتشكل للجسم الواحد خيالان على منطقتين متناظرتين من الشبكيتين ، عندما يصل ذلك إلى المخ فإنه يقوم بدمجهما معاً مما يسبب رؤية الجسم بأبعاده الثلاثة، أي تحدث الرؤية المجسمة)) .
سؤال غير وجيه
لعل إحدى مهام مدرس مادة علم الأحياء حث الطالب على طرح الأسئلة العلمية التي تمكنه من توجيه مداركه نحو فهم الظواهر الطبيعية سواء ما تعلق منها بجسم الكائن الحي أو ما تعلق بالعوامل الطبيعية البيئية بروح الاستكشاف والبحث العلمي ، ولكن أمام مادة علمية مغلوطة لا تكاد تقنع الطالب الساهي كيف سيقف المدرس ليشرح النتائج التي ربطت بغير أسبابها ؟ وكيف يمكنه أن يردع الطالب عن الاتجاه الصحيح في التفكير عندما يعلن تمرده على تقبل تلك المادة .. وهو الذي يعلم ان أسلوب تحصيل الدرجات العالية في الشهادة الثانوية إنما يعتمد على الحفظ الحرفي الذي يغيب ذكاء الطالب ورؤيته الشخصية في إدراك ظواهر الحياة . من هنا كان لا بد من طرح تسوية غير عادلة ولا منطقية يوجه فيها الطالب إلى الفهم والاستيعاب بطريقته الخاصة وإلى (الحفظ البصم ) بطريقة الكتاب ، ذلك لأن السؤال المطروح على الطالب ليس سؤالاً وجيهاً أو هو على الأقل ليس أكثر وجاهة من أسئلة أخرى كثيرة شبيهة به لم يفكر أحد في طرحها أو التوقف عندها والتصدي لإجاباتها في المناهج الدراسية بكل هذا الإصرار ، إذ يمكننا أيضاً أن نسأل : لماذا نرى الأشياء ذات البعدين مسطحة ؟ ولماذا نرى الأشياء ذات البعد الواحد خطية ؟ ولماذا نرى الأشياء نقطية ؟ وما الذي يجعل فهم سبب الرؤية المجسمة أهم من فهم أسباب الرؤية المسطحة والخطية والنقطية ما دامت المرئيات ليست كلها ثلاثية الأبعاد ؟
وفي الحقيقة إن هناك إجابة واحدة لكل تلك الأسئلة وهي في منتهى البساطة : نحن نرى الأشياء كما هي في الواقع لأن بنية العين الفيزيائية المجهزة بالأوساط الشفافة الكاسرة للضوء تسمح من خلال تجانسها بالحفاظ على قرينة انكسار ثابتة ومتساوية لجميع الأشعة الصادرة عن الشكل المرئي والداخلة عبر الأوساط الشفافة إلى العين .
ونحن نرى الأشياء المجسمة مجسمة حتى لو كنا ننظر إليها بعين واحدة لأن كل نقطة من الجسم المرئي يصدر عنها شعاع يسقط بعد محصلة انكساراته في الأوساط الشفافة على نقطة مقابلة له في شبكية هذه العين وفق زاوية ورود معينة لا تتقاطع مع زاوية ورود شعاع آخر صادر عن نقطة أخرى من الجسم المرئي ، وأثناء ارتسام الخيال على كل شبكية يتم الحفاظ على نسب الأبعاد والمسافات والزوايا المختلفة للجسم المرئي بحيث تكون مطابقة لما هي عليه في الجسم المرئي في الواقع سواء أكان ثلاثي الأبعاد أو غير ذلك ، وذلك لأن الأشعة الضوئية الساقطة جميعها ودون استثناء تسير وفق خطوط مستقيمة بحسب قوانين الضوء .
كما أن مسقط الشكل المرئي على الشبكية يخضع لقوانين ارتسام الخيال التي أرساها الفنان ليوناردو دافنشي وسماها ( قواعد المنظور ) وهي تدرس في المعاهد والكليات الهندسية والفنية .
فهناك إذاً تمثيل للشكل المرئي نقطة نقطة على الشبكية الواحدة باستثناء تلك النقاط من الشكل التي تسقط الأشعة الصادرة عنها على منطقة خروج العصب البصري من العين ( النقطة العمياء ) حيث لا يتم تمثيلها بسبب عدم وجود الخلايا البصرية المستقبلة في تلك النقطة . لكن على الرغم من وجود اختلاف بين الخيالين المتشكلين في كلتا العينين بسبب الاختلاف في موقع ارتسامهما نتيجة وجود مسافة فاصلة بين الشبكيتين. ورغم وجود نقطتين عمياوين تنقص كل منهما جزءاً مختلفاً عن الأخرى. ووجود خيال يمثل الجانب الوحشي من المجال البصري لكل عين يختلف في مضمونه عن الجانب الوحشي للمجال البصري في العين الأخرى . فإن ما يحدث عند النظر بالعينين معاً هو تطابق الخيالين معاً في باحة الرؤية في المخ مما يؤدي إلى رؤية الشكل كاملاً غير منقوص بسبب تكامل الخيالين واندماجهما في خيال واحد لا ينقصه أي جزء من الشكل المرئي.فالعين ترى الأشياء المجسمة والمسطحة والخطية والنقطية كما هي عليه في الواقع لأنها مصممة فيزيائياً من خلال أوساطها الشفافة المتجانسة ذات القوة الكاسرة الثابتة في لحظة النظر لتؤثر على الأشعة الضوئية الساقطة فيها جميعا ً بشكل متماثل .


إشكال علمي أم لغوي ؟
لنعد الآن إلى تلك الفقرة التي جاءت في كتاب علم الأحياء والتي تحاول تفسير سبب الرؤية المجسمة فتؤدي على إشكال لغوي وعلمي في آن واحد .
أما الإشكال اللغوي فهو استخدام كلمة (مجسمة) للدلالة على مفهوم تقدمه كلمة أخرى وهي كلمة ( مفردة ) .
وأما الإشكال العلمي فهو الخلط بين مفهومين علميين يحتاجان إلى الدقة في التعبير عنهما . والإشكال العلمي هو محصلة الإشكال اللغوي طبعاً .
وعلينا أن نحل الإشكالين معاً قبل أن نبحث في السبب الذي ساق إليهما ، والحل بسيط جداً ، نحتاج فيه إلى استبدال كلمة مفردة بكلمة مجسمة في السؤال والإجابة ، فيصبح السؤال : ( لماذا نرى الأشياء مفردة ؟ ) وهو سؤال وجيه جداً، لأننا نملك عينين اثنتين فلماذا نرى الجسم المرئي واحداً على الرغم من تشكل خيالين اثنين له على الشبكيتين ؟ وتكون الإجابة التي وردت في كتاب علم الأحياء بعد هذا الاستبدال كما يلي: ((أما سبب الرؤية المفردة فيعود إلى تشكل خيالين للجسم نفسه على منطقتين متناظرتين من الشبكيتين الأمر الذي يسمح باندماجهما معاً في الباحة البصرية في المخ فيبدو الجسم بأبعاده الثلاثة . ويمكننا التحقق من صحة ذلك بالضغط على كرة إحدى العينين بحيث نغير مكان ارتسام خيال الجسم الموجود في الباحة المشتركة للرؤية بالعينين فنشاهد للجسم خيالين بدلاً من خيال واحد )).
وهكذا تصبح هذه الفقرة أكثر وضوحاً وإقناعاً وقد كانت قبل ذلك غير منطقية خاصة عندما ذكرت أنه يمكن التحقق من سبب الرؤية المجسمة بالضغط على إحدى العينين فنشاهد للجسم خيالين بدلاً من خيال واحد وما هذا الكلام إلا تعليل للرؤية المفردة ، فعند الضغط على إحدى العينين سنشاهد للجسم خيالين ولن تتحقق الرؤية المفردة في حين أن مشاهدة الخيالين ليس دليلاً على أن الرؤية المجسمة لم تتحقق فمن الممكن أن يكون هذان الخيالان لشكل مجسم ، وهذا يعني ان الرؤية المجسمة قد تحققت ولكنها الآن مجسمة ومزدوجة أيضاً .
مصدر الغلط
بالرجوع إلى المعجم الطبي الموحد Unified Medical Dictionary الصادر عن منظمة الصحة العالمية – المكتب الإقليمي لشرق المتوسط ، والذي يتضمن 150000مصطلحا ً اتفق عليه الأطباء والمعجميون العرب من سائر البلدان العربية والذي يعمل من خلال لجنة العمل الخاصة بالمصطلحات الطبية ، نجد الترجمة الاصطلاحية التالية :( الرؤية المجسمة : Haploscopic Vision ) مع العلم أن المقطع Haplo -) ) مأخوذ من الاسم ( Haplosis ) وهو بمعنى ( التفرد ) فلو كانت الترجمة السابقة دقيقة وحرفية لكانت (الرؤية المفردة HaploscopicVision:) . وهناك عدة استخدامات للمقطع (Haplo- ) في المعجم الطبي الموحد نفسه وكلها تشير إلى مفهوم التفرد مثل : (متعلق بالمنظار الفارد : (Haploscopic و (رؤية فردية :Haplopia ) و( النمط الفرداني : (Haplotype .
ولكن ما الذي دعا الأطباء والمعجميين العرب إلى ترجمة Haploscopic Vision بالرؤية المجسمة اصطلاحياً وليس بالرؤية المفردة حرفيا ً ؟ لقد كانوا- على ما يبدو – مضطرين لفعل ذلك بسبب الحاجة إلى توحيد المصطلحات العلمية العربية وذلك بالاتفاق على استخدام مصطلح واحد لا أكثر عندما يكون الموضوع هو نفسه ، أي بهدف عدم استخدام أكثر من مصطلح واحد للتعبير عن المفهوم نفسه ، وهذا ما جعلهم يقعون في حيرة من أمرهم أمام عبارتين إنكليزيتين تستخدمان معاً في اللغة الإنكليزية في موضوع ( الرؤية بالعينين Binocular ) فهناك العبارة التي سبق ذكرها Haploscopic Vision .
أما العبارة الثانية فهي Stereoscopic Vision وهناك اختلاف واضح في المعنى الدقيق لهاتين العبارتين لكنهما تستخدمان معاً في موضوع الرؤية بالعينين للحاجة إلى ذلك ، فالمعنى الدقيق للعبارة الأولى هو( الرؤية المفردة ) أما المعنى الدقيق للعبارة الثانية فهو ( الرؤية المجسمة أو الفراغية أو ثلاثية الأبعاد ) وذلك بناء على الترجمة الخاصة بالمقطع ( Stereo – ) الذي وردت ترجمته في المعجم نفسه هكذا : ( مجسم – فراغي – ثلاثي الأبعاد : Stereo ) .
وبما أن المعجميين العرب قد اتفقوا على اختيار ترجمة (Stereo – ) بمعنى ( مجسم ) كما اتضح لاحقاً أصبحت الترجمة الحرفية لعبارة Stereoscopic Vision هي ( الرؤية المجسمة ) وبما أنها تقترن مع عبارة Haploscopic Vision دائماً عند الحديث عن موضوع الرؤية بالعينين في اللغة الإنكليزية فقد ترجموا العبارة الأخيرة ترجمة اصطلاحية بالمعنى نفسه أي : الرؤية المجسمة وقاموا بتثبيت ذلك في المعجم كما رأينا .
وخلاصة القول في هذا أنهم قد ارتكبوا خطأ ً مركباً على مرحلتين :
المرحلة الأولى بالاختيار غير الموفق لترجمة (Stereo –) بمعنى مجسم ، وكان الأولى والأكثر ضرورة أن يختاروا ترجمتها بمعنى ( فراغي ) .
والمرحلة الثانية أنهم غيبوا الحديث عن الرؤية المفردة بترجمتهم العبارة الخاصة بها اصطلاحياً ( بالرؤية المجسمة ) وهذا ما أدى إلى دمج مفهومي الرؤية المفردة والرؤية الفراغية دمجاً لغوياً بتعبير ( الرؤية المجسمة ) .
وهكذا أصبحنا نشرح في مناهجنا الدراسية كيفية الرؤية الفراغية بالتركيز الخاطئ على رؤية الأجسام ثلاثية الأبعاد ( المجسمة ) بدلاً من التركيز على رؤية الفراغ ثلاثي الأبعاد وأصبحنا نبرهن على حدوث رؤية الأجسام ثلاثية الأبعاد – وهو الذي لا يحتاج إلى برهان – ببرهان توحيد الخيالين ودمجهما في المخ لإحداث الرؤية المفردة الذي يحتاج فعلاً إلى تبرير وبرهان . وها نحن نخرج من غلط لنقع في غلط آخر مترتب عليه .
والآن لنوضح الخطأ الأول الذي ارتكبوه باختيار ترجمة ( Stereo –) بمعنى (مجسم ) بدلاً من معنى ( فراغي ) . فعند الحديث عن موضوع الرؤية بالعينين كما وجدنا في المراجع الإنكليزية يقوم الباحثون بتقسيم حقل الرؤية الكلي الذي نراه عند النظر بالعينين معاً أي (الرؤية الفراغية ) إلى ثلاثة حقول هي حقل الرؤية المشترك الذي يؤمن الرؤية المفردة على الرغم من وجود خيالين للشكل المرئي على الشبكيتين وهو الذي يستخدم الباحثون للتعبير عنه عبارة Haploscopic Vision وهي عبارة ضرورية لإيضاح وجود هذا الحقل عند النظر بالعينين معاً وهذا أمر لا جدل فيه ، فضلاً عن حقلين للرؤية غير المشتركة هما حقلا الرؤية الوحشيان الأيمن والأيسر لكل من العين اليمنى واليسرى واللذان يختلفان عن بعضهما بالخيال الذي يقدمانه إلى حقل الرؤية الكلية ( الفراغية ) فكل منهما يحمل جانباً من الصورة لا يحمله الآخر ، وينتج عن اجتماع الحقول الثلاثة حقل الرؤية الكلية أو الفراغية . إذاً فالرؤية الفراغية لا تختص برؤية الأجسام ثلاثية الأبعاد التي أصبح المعجميون العرب يعبرون عنها بالرؤية (المجسمة) بل إن الرؤية الفراغية تعني الحقل المرئي من الفراغ وهذا الكلام يوضح الخطأ الثاني الذي ارتكبوه عندما ترجموا ( Stereo – ) بمعنى (مجسم ) بدلاً من معنى ( فراغي ) .
وربما يبدو للوهلة الأولى وجود تطابق في المعنى بين تعبيري الرؤية المجسمة والرؤية الفراغية ، ولكن هذا التطابق غير موجود عملياً ، ففي الذخيرة اللغوية العربية المستخدمة ترتبط دلالة عبارة الرؤية المجسمة بما هو مجسم أي ( جسم يحتل من المكان حيزاً وهو ثلاثي الأبعاد ) فيفهم منها التركيز على الأشياء المجسمة المرئية في المكان ، أما دلالة الرؤية ( الفراغية ) فتفيد في الإشارة إلى المكان الذي توجد فيه المرئيات أكثر من التركيز على المرئيات نفسها ، وهكذا يسبق الذهن إلى تحديد جزء من المكان المرئي وهو ( الأشياء المجسمة ) عند استخدام تعبير الرؤية المجسمة بينما يسبق الذهن إلى تحديد المكان ( الفراغ) بأكمله عند استخدام تعبير الرؤية ( الفراغية ) وهذا ما أدى إلى الغلط العلمي الذي صرنا إليه .
وبناءً على هذا يكون اختيار ( Stereo – ) بمعنى ( فراغي ) أفضل وأكثر دقة من غيره . وتصبح الترجمة الدقيقة لعبارة Stereoscopic Vision هي (الرؤية الفراغية) . وبهذا يندرج مفهوم الرؤية المفردة الذي يتمثل بحقل الرؤية المشترك ضمن مفهوم الرؤية الفراغية ، وبهذا يتضح مفهوم التخاطل Parallax الذي يعني اختلاف المنظر باختلاف المكان الذي يسببه وجود مسافة فاصلة بين الشبكيتين بحيث يكون الخيالان المتشكلان على كل منهما مختلفين قليلاً عن بعضهما بحسب ورود الأشعة الضوئية الساقطة على سطح كل منهما وبسبب اندماج الطرفين الأنسيين للخيالين وهما متماثلان تقريباً في خيال مشترك يقع في حقل الرؤية المشترك للعينين مع بقاء الطرفين الوحشيين للخيالين وهما مختلفان مستقلين عن بعضهما البعض في حقلي رؤية جانبيين كل منهما خاص بإحدى العينين . ولقد تم التعبير عن مفهوم التخاطل في المعجم الطبي الموحد بوضع إشارة المساواة ( =) بين التعبيرين الإنكليزين اللذين يحملان الفكرة نفسها كما يلي :
( Parallax Binocular = Stereoscopic Parallax ) أي : (التخاطل بالعينين = التخاطل الفراغي) .
وهذا يعني أن الحديث يدور عن الرؤية ضمن الفراغ وأن الرؤية الفراغية متعلقة بالمكان بسبب التخاطل أو اختلاف المنظر باختلاف المكان ، وهذا ينتج عن الرؤية بالعينين معاً أيضاً .
مركز الغلط
كما يقول لك المثل : لا دخان بغير نار ، فإذا بحثت عن السبب الذي جعل الأطباء والمعجميين العرب العاملين على ترجمة المصطلحات الطبية إلى العربية يوافقون على استخدام مصطلح ( الرؤية المجسمة ) باعتبار الرؤية بالعينين هي أساس الرؤية المجسمة (رؤية الأجسام ثلاثية الأبعاد ) كما يزعمون فارجع إلى النصوص الإنكليزية لتجدها جميعاً توضح أهمية الرؤية بالعينين معاً من أجل إدراك الأبعاد الثلاثة وخاصة البعد الثالث بشكل صحيح ودقيق ، إذ يؤدي اندماج الطرفين الأنسيين للخيالين في الحقل المشترك إلى زيادة الإيضاح ، وهذا أمر طبيعي لأن زيادة شدة المنبه تؤدي إلى زيادة شدة الإحساس بسبب زيادة عدد الخلايا الحسية المنبهة بالمنبه نفسه ، فالخلايا البصرية التي تقع في حقل الرؤية المشترك تتلقى الأشعة الضوئية الصادرة عن الجزء المتوسط نفسه من الشكل المرئي بزاويتي ورود تكادان تكونان متطابقتين على المنطقتين المتناظرتين من الشبكيتين وهذا ما يجعل الخيال المرتسم على كل منهما مماثلاً للآخر فتكون الرسائل العصبية المرسلة منهما إلى الدماغ متماثلة ويؤدي هذا إلى زيادة شدة الإحساس فتكون الرؤية أكثر وضوحاً ، كما أن تراكب الخيالين في المخ يؤدي إلى إكمال النقص الموجود في كل منهما والناتج عن وجود النقطتين العمياوين والحقلين الوحشيين ويؤدي هذا إلى رؤية المزيد من الحقل الفراغي فيسبب الدقة والوضوح في إدراك الأبعاد الثلاثة وهذا هو كل شيء .
ولكن الفرق شاسع بين أن يقال لك : إن الرؤية بالعينين معاً هي سبب رؤية الأجسام ثلاثية الأبعاد (الرؤية المجسمة ) أو يقال : إن الرؤية بالعينين معاً هي التي تسبب رؤية الفراغ المرئي كاملاً مما يؤدي إلى الإدراك الدقيق للأبعاد الثلاثة .
فأنت تستنج من القول الأول أن الرؤية بعين واحدة فقط تجعلك غير قادر على رؤية الأشياء المجسمة أو ثلاثية الأبعاد كما هي ( أي مجسمة ) بل تجعلك - يا لللأسف- تراها ( مسطحة ) !
بينما تستنج من القول الثاني أن الرؤية بعين واحدة تجعل الحقل المرئي في الفراغ عندك أقل أو أصغر بالمقارنة مع ما يحدث عندما تتم الرؤية بالعينين معاً ، وبسبب ذلك فإن الرؤية بعين واحدة تقلل من إدراكك الصحيح أو الدقيق عند تقدير المسافات والأبعاد بين النقاط المختلفة من الفراغ لذلك فأنت لن تستطيع تقدير هذه الأبعاد بشكل دقيق عندما يطلب منك ذلك .
ولإيضاح ما هو مقصود بعدم الإدراك الصحيح للأبعاد عند النظر أو الرؤية بعين واحدة قم الآن بتجربة بسيطة ، وأحضر خيطاً وإبرة ، ثم حاول أولاً إدخال طرف الخيط في ثقب الإبرة وأنت تنظر بالعينين معاً ، وبعد ذلك أعد المحاولة ولكن مع إغماض إحدى العينين والاعتماد على عين واحدة فقط في الرؤية . وستجد أن الصعوبة في المحاولة الثانية أكبر بكثير وستشعر أن الصعوبة تكمن في تقدير الزاوية وتحديد البعد بين طرف الخيط وثقب الإبرة وذلك لأنك تعتمد على عين واحدة ، ومع ذلك فقد تستطيع بعد عدة محاولات النجاح في إدخال طرف الخيط في ثقب الإبرة على الرغم من النظر بعين واحدة فقط لكن عليك أن تعترف بالصعوبة التي واجهتها .
وهذا يعني أن الرؤية بالعينين معاً ضرورية وأساسية للإدراك الصحيح للأبعاد والمسافات الفاصلة بين النقاط في الحقل المرئي من الفراغ.
وبما أن الفراغ ثلاثي الأبعاد فهي ضرورية للإدراك الصحيح للأبعاد الثلاثة وخاصة البعد الثالث ( العمق أو الارتفاع) لأنه يمثل البعد الأكثر صعوبة في التمييز الدقيق بسبب كونه البعد الثالث أي أن البعدين الأول والثاني موجودان مسبقاً وبسبب وجود البعد الثالث تتعقد العلاقة الهندسية لكل نقطة من الفراغ الديكارتي إذ ينشأ لها ثلاثة متحولات تمثل موقعها بالنسبة إلى ثلاثة محاور هي الطول والعرض والعمق بدلاً من متحولين اثنين يمثلان موقعها بالنسبة لمحوري الطول والعرض فقط في الأشكال المسطحة أو متحول واحد في الخط المستقيم . وهكذا يكون النظر بالعينين معاً أفضل وأكثر دقة عند الحاجة إلى تمييز البعد الثالث فيكون تقديره أكثر دقة مما يحدث عند النظر بعين واحدة فقط .
مراجع إنكليزية
النص الأول :
هذا النص مأخوذ من أحد المراجع الطبية العالمية المعتمدة في الدراسات الأكاديمية العليا وهوDuane`s Ophthalmology-Program تحت عنوان ( الرؤية بالعينين ) ويدور فيه الحديث عن أهمية الرؤية بالعينين لإدراك المسافة في البعد الثالث للفراغ المرئي لا عن رؤية الأشياء المجسمة والبعد الثالث هنا يتعلق بالفراغ المرئي أو بكيفية حدوث الرؤية الفراغية .
Binocular Vision
5- And probably the most dramatic reason for binocular vision, tow eyes permit stereoscopic depth perception the ability to use the difference in the images due to each eye viewing from the slightly different view point , known as binocular disparities , to perceive distance in the third dimension of visual space .
وترجمة النص : الرؤية بالعينين
وربما كان المبرر الأقوى للرؤية بالعينين معاً هو أن عينين اثنتين تسمحان بإدراك البعد الفراغي بسبب استخدام الاختلاف في الأخيلة الناجم عن المنظر المختلف قليلاً المتكون في كل عين والمعروف بتباين الرؤية بالعينين لإدراك المسافة في البعد الثالث للفراغ المرئي .

النص الثاني :
هذا النص من Physiology of eye – Program يؤكد على أهمية الرؤية بالعينين من أجل الرؤية المفردة التي تؤدي إلى الإدراك الدقيق للبعد .
Your vision –Dominace test
The dominace test gives us an important clue to how binocular vision works . Because our spaced a few inches apart on our head , each eye sends a slightly differnet image to the brain , these different images are necessary for binocular vision and accurate depth perception . Instead of seeing tow images ( double vision ) the brain integrates the image from both eyes into a single perception , instead , in the input from one eye is preferred over the other eye as shown by the dominace test , as a result , the dominace eye supplies the view we see with both eyes open , this view is supplemented with clues about depth perception by the non-dominate eye .
ترجمة النص : رؤيتك – اختبار السيطرة
يقدم لنا اختبار السيطرة توضيحاً مهما لكيفية الرؤية بالعينين . فبسبب توضع العينين بشكل منفصل عن بعضهما البعض ببضعة إنشات على رؤوسنا فإن كل عين ترسل صورة مختلفة قليلاً عن الأخرى إلى الدماغ ، وهذا الاختلاف في الصورتين ضروري من أجل الرؤية بالعينين وإدراك البعد الصحيح فبدلاً من رؤية صورتين ( الرؤية المزدوجة ) يدمج الدماغ الصورتين من كلتا العينين في إدراك بصري مفرد . وبالمقابل ، فإن الخيال الوارد من عين واحدة يقدم شيئاً إضافياً عما تقدمه العين الأخرى كما ظهر من اختبار السيطرة وكنتيجة لذلك فإن العين المسيطرة تقدم المنظر الذي نراه بالعينين المفتوحتين معاً ، هذا المنظر يتم إكماله بالمعلومات الدقيقة حول إدراك العمق من قبل العين المسيطرة .
النص الثالث :
هذا النص من المرجع السابق يتحدث عن أهمية الرؤية بالعينين لإهمال أثر النقطتين العمياوين .
Blind spot : Our binocular vision allows us to ((ignore)) our blind spot , in normal vision , both of our eyes focus on the same image but each eye sends a slightly different picture to the brain , the visual fields of our left and right eyes overlap significantly so the brain is able to ((fill-in))the blind spots with information from the other eye.
الترجمة :
النقطة العمياء : إن رؤيتنا بالعينين تسمح لنا بتجاهل أثر النقطتين العمياوين ، ففي الرؤية الطبيعية تحدق كل من العينين بالصورة نفسها ولكن كل منهما ترسل صورة مختلفة قليلاً إلى الدماغ ، إن حقلي الرؤية في العين اليسرى واليمنى يتداخلان بحيث يكون الدماغ قادراً على أن يملأ أو يشغل مكان النقطة العمياء من كل عين بمعلومات من العين الأخرى .
مرجع عربي
هذا النص من كتاب علم البيولوجيا – الجزء الثاني ، نقترح أن تتم قراءته باستبدال عبارة الرؤية المجسمة بالعبارة الموجودة ضمن القوسين لملاحظة الفارق في إيضاح المفاهيم المطروحة ضمن النص :
(( ....الرؤية بالعينين والرؤية المجسمة Binocular Vision and stereoscopic vision تحدث الرؤية بالعينين حين يتراكب حقلا الرؤية لكلتا العينين بحيث أن نقرة كلتا العينين تتبأر على الجسم نفسه ، وتمتاز هذه الرؤية عن الرؤية بعين واحدة بمزايا عديدة تتضمن حقل رؤية أوسع وتعويض إصابة إحدى العينين بالعين الأخرى فهي مثلاً تلغي تأثير البقعة العمياء وتمثل أساس الرؤية المجسمة ( الفراغية ). وتعتمد الرؤية المجسمة ( الفراغية ) على إحداث العينين بآن واحد صوراً شبكية مختلفة قليلاً يحللها الدماغ ويحولها إلى صورة واحدة ، وكلما كان التوضع الجبهي للعينين أكبر كان حقل الرؤية المجسمة (الفراغية ) أكبر ، فمثلاً تتمتع العين البشرية بحقل رؤية كلي قدره 140 درجة ، أما الحصان فإن عينيه متوضعتان جانبياً لذا يكون حقل رؤيته المجسمة ( المفردة ) باتجاه الأمام محدوداً ويستخدمه لرؤية الأجسام البعيدة ، أما إذا كانت الأجسام قريبة فإن الحصان يدير رأسه نحوها ويستخدم الرؤية بعين واحدة من أجل فحص التفاصيل . إن التوضع الجبهي للعينين والتوضع المركزي للنقرتين اللتين تحدثان حدة بصرية جيدة هما أساسيان في الرؤية المجسمة (الفراغية ) الجيدة التي تفسح المجال لتقدير أفضل لحجم الأجسام وإدراك عمقها وبعدها ....)) .
من المسؤول ؟
وأخيراً لا بد من إثارة سؤال.. فهل يمكن إعادة المناقشة في مصطلح (الرؤية المجسمة ) وذلك لإعادة الترجمة الدقيقة لعبارتي الرؤية المفردة والرؤية الفراغية لتصحيح المعلومات المغلوطة فيما يتعلق بالنصوص المدرسية ؟ ومن المسؤول عن القيام بذلك ؟
المراجع
1- المعجم الطبي الموحد C.D – Unified Medical Dictionary منظمة الصحة العالمية – المكتب الإقليمي لشرق المتوسط ، الإصدارة الحوسبية الخامسة .
2- موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة – آيات الله في الإنسان – الدكتور محمد راتب النابلسي .
3- علم البيولوجيا – الجزء الثاني ترجمة : أ.د دياب أبو خرمة أ.د حسن خاروف أ.د عبد الرحمن مراد أ.د أحمد عثمان أ.د رويدة أبو سمرة د. يوسف مخلوف د. نزار شفيق حمودة .
4- علم الأحياء البيولوجية للعام الدراسي 2003-2004 الثالث الثانوي العلمي- وزارة التربية – الجمهورية العربية السورية
5- علم الأحياء البيولوجية للعام الدراسي 2006-2007 الثالث الثانوي العلمي- وزارة التربية – الجمهورية العربية السورية .

6- C.D- Physiology of the eye – program,produced in Brunswick, Maine (USA) by Interactive eye ,L.L.

7- C.D Duane`s ophthalmology- program . Lippicott-Ravan.

الدكتور ضياء الدين الجماس
25-07-2017, 02:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذة الفاضلة ثناء صالح حفظها الله تعالى
نعتز بك فكراً متقداً وأديبة موهوبة.
إن ما تقدمت به من مقدمة تبحث في مضمار علم البصريات لا يتعارض مع ترجمة الموحد للمصطلحات المذكورة. واستعماله لمبدأ الترادف في بعض المصطلحات إنما هو من باب التوسعة على المترجمين لأنه لكل نص سياقه وخصوصيته. ولم يبنِ ترادفه من فراغ بل مستنداً إلى المعاجم الإنكليزية والفرنسية الموثوقة.
مثال :
أعطى السابقة (-haplo) معنيين رئيسيين هما (بسيط ومفرد) ونجد هذين المعنيين في معجم ستيدمان :
Haplo- : Combining form meaning simple or single أي السابقة لها معنى مشترك فيصح معناها بسيط او مفرد.
وبحسب الجذر الذي يتبع السابقة يتم اختيار المعنى المناسب وضرب مثالاً على ذلك:
Haplochilus - بَسِيْطَةُ الشِّفاه (جِنْسٌ مِنَ الأَسْماك)
haploscope : مِنْظارٌ فارِد .
من جهة أخرى أعطى للسابقة (-stereo) ثلاثة معان ممكنة : مُجَسَّم؛ فَرَاغِيّ؛ ثُلاثِيُّ الأَبْعَاد
ويتم اختيار المعنى حسب الجذر المتمم لهذه السابقة: أمثلة
Stereology: عِلْمُ التَّجْسيم
وشرحه في ستيدمان
A study of the three-dimensional aspects of a cell or microscopic structure
الترجمة : دراسة الأشكال ثلاثية الأبعاد للخلية أو التركيب المجهري.
stereoscopic microscope مِجْهَرٌ مُجَسِّم

أما التساؤل لماذا ترجم haploscopic vision : رُؤْيَةٌ مُجَسَّمَة
فالجواب لترادفهما في المعنى أي من باب التوسعة
ولو ترجمها المترجم بالرؤية المفردة لصح ذلك ولكن لا تصح الترجمة بالرؤية البسيطة حسب معنيي السابقة اللذين أقرهما الموحد.
في المعجم الفرنسي الذي نقل عنه الموحد ترادف الترجمة :
vision stéréoscopique, vision haploscopique

وتعريفها في استيدمان
stereoscopic vision produced by the haploscope, or mirror-type stereoscope.
تنتج الرؤية المجسمة بواسطة المنظار الفارد أو المنظاربنمط المرآة.

والمنظار الفارد haploscope
An instrument for presenting separate views to each eye so that they may be seen as one.
هو جهاز ينتج منظرين مستقلين لما تراه أي من العينين ويوحدهما بحيث ترى كصورة واحدة مفردة.

أرجو أن تكون الإجابة واضحة
والحوار مستمر حتى تنجلي الحقيقة.
والحمد لله رب العالمين.


أتساءل عن صحة الرؤية الفراغية، هل توجد رؤية في الفراغ؟
الفراغ من الخلاء والرؤية العينية تحدث بوجود الضوء الذي تنثره الذرات الموجودة في الهواء. أما الفراغ فمظلم ولا ينقل الضوء الذي تراه العين, ولعل المراد بالرؤية الفراغية هي الرؤية الفضوية.. ففي الفضوة تتحقق الأبعاد الثلاث، أما الفراغ فمعناه لا شيء أو انعدام الأشياء فيه فما الذي تراه العين في الفراغ؟
والله أعلم

الدكتور ضياء الدين الجماس
25-07-2017, 03:49 PM
يسعد القائمون على المعجم الموحد بتوجيه الملاحظات من المستخدين له والباحثين لتداركها في المستقبل.

الدكتور ضياء الدين الجماس
26-07-2017, 11:27 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
رابط المعجم الطبي الموحد لمنظمة الصحة العالمية هنا (http://www.emro.who.int/ar/Unified-Medical-Dictionary.html)

الدكتور ضياء الدين الجماس
26-07-2017, 02:28 PM
في معجم استيدمان حول تخاطل العينين ما يلي:

binocular parallax,stereoscopic parallax;
the difference in the angles formed by the lines of sight to two objects situated at different distances from the eyes; a factor in the visual perception of depth.
الترجمة:
التخاطل العيني أو التخاطل التجسيمي:
هو الناتج عن اختلاف زاوية خط النظر لجسمين موضوعين بمسافة مختلفة عن العينين، وهو عامل إدراك الرؤية للعمق.

ثناء حاج صالح
26-07-2017, 07:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذة الفاضلة ثناء صالح حفظها الله تعالى
نعتز بك فكراً متقداً وأديبة موهوبة.
إن ما تقدمت به من مقدمة تبحث في مضمار علم البصريات لا يتعارض مع ترجمة الموحد للمصطلحات المذكورة. واستعماله لمبدأ الترادف في بعض المصطلحات إنما هو من باب التوسعة على المترجمين لأنه لكل نص سياقه وخصوصيته. ولم يبنِ ترادفه من فراغ بل مستنداً إلى المعاجم الإنكليزية والفرنسية الموثوقة.
مثال :
أعطى السابقة (-haplo) معنيين رئيسيين هما (بسيط ومفرد) ونجد هذين المعنيين في معجم ستيدمان :
Haplo- : Combining form meaning simple or single أي السابقة لها معنى مشترك فيصح معناها بسيط او مفرد.
وبحسب الجذر الذي يتبع السابقة يتم اختيار المعنى المناسب وضرب مثالاً على ذلك:
Haplochilus - بَسِيْطَةُ الشِّفاه (جِنْسٌ مِنَ الأَسْماك)
haploscope : مِنْظارٌ فارِد .
من جهة أخرى أعطى للسابقة (-stereo) ثلاثة معان ممكنة : مُجَسَّم؛ فَرَاغِيّ؛ ثُلاثِيُّ الأَبْعَاد
ويتم اختيار المعنى حسب الجذر المتمم لهذه السابقة: أمثلة
stereology: عِلْمُ التَّجْسيم
وشرحه في ستيدمان
a study of the three-dimensional aspects of a cell or microscopic structure
الترجمة : دراسة الأشكال ثلاثية الأبعاد للخلية أو التركيب المجهري.
Stereoscopic microscope مِجْهَرٌ مُجَسِّم

أما التساؤل لماذا ترجم haploscopic vision : رُؤْيَةٌ مُجَسَّمَة
فالجواب لترادفهما في المعنى أي من باب التوسعة
ولو ترجمها المترجم بالرؤية المفردة لصح ذلك ولكن لا تصح الترجمة بالرؤية البسيطة حسب معنيي السابقة اللذين أقرهما الموحد.
في المعجم الفرنسي الذي نقل عنه الموحد ترادف الترجمة :
Vision stéréoscopique, vision haploscopique

وتعريفها في استيدمان
stereoscopic vision produced by the haploscope, or mirror-type stereoscope.
تنتج الرؤية المجسمة بواسطة المنظار الفارد أو المنظاربنمط المرآة.

والمنظار الفارد haploscope
an instrument for presenting separate views to each eye so that they may be seen as one.
هو جهاز ينتج منظرين مستقلين لما تراه أي من العينين ويوحدهما بحيث ترى كصورة واحدة مفردة.

أرجو أن تكون الإجابة واضحة
والحوار مستمر حتى تنجلي الحقيقة.
والحمد لله رب العالمين.

الأستاذ الدكتور ضياء الدين الجماس المحترم
لكم الشكر والامتنان على استجابتكم الكريمة للمشاركة في هذه المناقشة .
وأحب أن أطلعكم على جانب من تجربتي السيئة في محاولة مناقشة هذا الخطأ مع أحد أعضاء لجنة تأليف مناهج علم الأحياء ( البيولوجيا ) في سوريا ، ولا داعي لذكر اسمه _ سامحه الله ورحمه_ والذي ألححت على إطلاعه شفهيا وبالمراسلة قبل بعام واحد من وفاته ،على وجهة نظري في هذا الموضوع ، لعله يجد طريقا لإصلاحه، فتهرّب كليّا ، وتجنّب المشاركة في الحوار أو حتى الاعتذار عنه ، ولا أظنه إلا وقد أطلع بقية أعضاء لجنة التأليف على وجهة نظري فاختاروا موقف (التجاهل وعدم الإصغاء ) واتفقوا عليه ( تقاعسا ) ..!
علينا أن نتفق أولا على ما يلي :
1_ فشل استخدام تعبير (الرؤية المجسمة ) مدرسيا في إيصال المفهوم العلمي المقصود به . وأدلة فشله كثيرة , ومنها : الاستنتاج العجيب بأن النظر بعين واحدة يؤدي إلى رؤية الأجسام مسطحة مع أنها في الواقع ثلاثية الأبعاد . والمثال الواقعي ( الخطأ الميداني الفادح ) عليه موجود في كتاب الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (آيات الله في الإنسان ) للدكتور محمد راتب النابلسي . وهو _ للأسف _ الكتاب الذي يجب أن يكون الأبعد عن الوقوع في مثل هذا الخطأ . وليس له من عذر سوى اعتماده على المراجع العلمية المدرسية التي يقدم مؤلفوها مفهوم (الرؤية المجسمة ) وفق فهمهم الخاطئ لهذا المفهوم ، والذي نجم عن غلط الترجمة الاصطلاحية المقررة من قبل المعجم الطبي الموحد ،وعدم كفاءتها ودقتها العلمية .
2_ معجم ستيدمان كغيره من المعاجم الأجنبية تقتصر مهمته على تقديم المرادفات التي تمثل خيارات مختلفة للمترجمين العرب، فاختيار لفظة عربية معينة دون سواها لتمثل مصطلح المفهوم العلمي ،هي مسؤولية المترجم العربي الذي يجب أن يكون حذرا من الوقوع في اللبس العلمي باختيار ما غير دقيق ، والذي يجب أن يتخذ معيار الدقة العلمية في رأس قائمة المعايير التي تنظم عمله .
ولقد قلت من قبل : إن طبيعة الدراسة الأكاديمية الطبية الغنية بالمصطلحات الطبية (الفضفاضة )التي يحصّلها الأطباء لا تؤهلهم لتقرير ترجمة مسميات المفاهيم العلمية الأساسية في العلوم الطبيعية ، والتي تتطلب الدقة المفرطة في التعبير عن التعاريف العلمية الأساسية وتتعارض تماما مع أسلوب التوسعة على المترجمين ،والتي تريح المترجمين على حساب إرباك المفاهيم العلمية وإبهامها وإيصالها إلى الطلبة والمتعلمين والمعلمين والباحثين مغلوطة مشوّشة .
المفاهيم العلمية الأساسية قوامها الدقة العلمية ويجب أن تتمتع بأقصى درجات الوضوح الممكنة في صياغتها اللغوية التي سيتلقاها الطالب . ولا تقبل توسعة المصطلحات وفضفضتها أبدا. لأنها تمثل أساسيات المعرفة المدرسية التي سيبني عليها الطالب تحصيله العلمي كله لاحقا .فأي توسعة اصطلاحية من شأنها أن تخل بالمفهوم العلمي الأساسي، ستسبب خللا جسيما في البناء المعرفي اللاحق المعتمد عليها .
لذا فإن الشرط الأساسي الذي يجب توفره في من يتصدى لترجمة هذه المفاهيم ونقلها من لغتها الأصلية إلى اللغة العربية هو أن يكون متخصصا أكاديميا في دراسة و تدريس هذه المفاهيم الأساسية وذا خبرة علمية كبيرة في مجال تخصصه . وذلك كي يكون قادرا على صياغة المفهوم صياغة لغوية دقيقة واضحة للأذهان.


أتساءل عن صحة الرؤية الفراغية، هل توجد رؤية في الفراغ؟
الفراغ من الخلاء والرؤية العينية تحدث بوجود الضوء الذي تنثره الذرات الموجودة في الهواء. أما الفراغ فمظلم ولا ينقل الضوء الذي تراه العين, ولعل المراد بالرؤية الفراغية هي الرؤية الفضوية.. ففي الفضوة تتحقق الأبعاد الثلاث، أما الفراغ فمعناه لا شيء أو انعدام الأشياء فيه فما الذي تراه العين في الفراغ؟
والله أعلم
في المعجم الوسيط : الفراغ هو الخلو . والفراغ هو المكان الخالي .
والقياس العلمي إلى تسمية (علم الهندسة الفراغية ) قياس صحيح .

الدكتور ضياء الدين الجماس
27-07-2017, 04:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذة الفاضلة ثناء صالح حفظها الله تعالى
قد لا تعبر الترجمة الحرفية للمصطلح عن حقيقة مضمونة. فتظهر الترجمة مبهمة للقارئ ، ولتتضح الفكرة ، إليك هذا المثال :
قد يعاني الغواص إذا خرج بسرعة من أعماق البحر إلى سطحه من أعراض هبوط الضغط وآلام المفاصل والصداع والدوار وضيق النفس... وتطلق بعض المراجع على هذا الداء مصطلح bends.
كيف نترجم أو نعرب هذا المصطلح ؟
لاشك أن السياق مهم في الاختيار، ولنفترض في ترجمة النص السياق البسيط التالي :
بعد أن فحص الطبيب الحالة كتب تشخيصه المبدئي : bends
انظري في المعاجم العربية والأجنبية بمختلف أنواعها واختاري لنا الترجمة الفضلى لنتحاور حولها. لعل في ذلك فائدة تطبيقية. والله ولي التوفيق

ثناء حاج صالح
27-07-2017, 06:45 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذة الفاضلة ثناء صالح حفظها الله تعالى
قد لا تعبر الترجمة الحرفية للمصطلح عن حقيقة مضمونة. فتظهر الترجمة مبهمة للقارئ ، ولتتضح الفكرة ، إليك هذا المثال :
قد يعاني الغواص إذا خرج بسرعة من أعماق البحر إلى سطحه من أعراض هبوط الضغط وآلام المفاصل والصداع والدوار وضيق النفس... وتطلق بعض المراجع على هذا الداء مصطلح bends.
كيف نترجم أو نعرب هذا المصطلح ؟
لاشك أن السياق مهم في الاختيار، ولنفترض في ترجمة النص السياق البسيط التالي :
بعد أن فحص الطبيب الحالة كتب تشخيصه المبدئي : bends
انظري في المعاجم العربية والأجنبية بمختلف أنواعها واختاري لنا الترجمة الفضلى لنتحاور حولها. لعل في ذلك فائدة تطبيقية. والله ولي التوفيق
أستاذي الفاضل
لم أفهم بعد موقفكم من الغلط العلمي الذي ارتكبه المعجم الطبي الموحد بحق مفهوم (الرؤية الفراغية ) .
وقد توقعت من هذا الحوار وتفاءلت به أن يعالج هذا الخطأ ! وتوقعت منكم المبادرة بإيصال محتوى هذا الموضوع إلى لجنة الترجمة في المعجم ليصار إلى مناقشته من جديد في ضوء ما تقدمت به من رأي في المقال.
فلماذا نتحاور حول عدم حرفية الترجمة الاصطلاحية لمصطلح المرض bends أو غيره من المصطلحات الطبية ، وأنا متفقة معكم أصلا على هذا الأمر ؟!
ومرة أخرى أعود وأقول : لا ضير في اعتماد الترجمة الاصطلاحية للمصطلحات الطبية . أما اعتمادها في ترجمة المفاهيم الأساسية فهو أمر مرفوض وخاطئ .
ومفهوم الرؤية الفراغية مفهوم أساسي .

الدكتور ضياء الدين الجماس
28-07-2017, 03:57 AM
[COLOR=#0000cd]
أستاذي الفاضل
... وتوقعت منكم المبادرة بإيصال محتوى هذا الموضوع إلى لجنة الترجمة في المعجم ليصار إلى مناقشته من جديد في ضوء ما تقدمت به من رأي في المقال.


الأستاذة ثناء صالح المحترمة
منذ نشر الموضوع وقبل أن أدخل معك في الحوار ، أرسلت رابطه للمسؤول الإعلامي في برنامج التعريب . وهو الذي يتولى إبلاغه أو تعميمه... فاطمئني فكرتك وصلت مباشرة.

سدد الله خطاك وحفظك ورعاك

الدكتور ضياء الدين الجماس
28-07-2017, 01:28 PM
الأستاذة ثناء صالح المكرمة
إنَّ استشهادك بقول الشيخ الدكتور محمد راتب نابلسي أن العين الواحدة ترى الأشياء مسطحة ، هو كلام مجازي لايحاسب عليه كعالم بصريات بل هو دكتور في اللغة العربية وسياق كلامه بيان فضل الله تعالى على الإنسان بمنحه عينين وليس عيناً واحدة فقط، والفرق كبير بين الرؤيتين في تقدير المسافات والأبعاد وليس في دقة (حدة) البصر إن كانت العين الواحدة ترى 6/6 . ولو لم يكن هذا الفرق كبيراً لما ذكر الله تعالى هذه النعمة في كتابه الكريم (ألم نجعل له عينين). وهناك كثير من الدول لا تمنح ذا العين الواحدة رخصة قيادة لاحتمال ارتكاب الحوادث لسوء تقدير أبعاد المسافات.
إن الرؤية شبه المجسمة في العين الواحدة ناتجة عن دقة رؤية الظلال وارتسام الخيال على شبكية العين الكروية. فالتجسيم الذي تراه العين الواحدة تجسيم تحليلي إدراكي فقط لا يقاس بدقة التجسيم الذي يتحقق بالعينين السليمتين الناتج عن تراكب صورتين مرئيتين بزاويتين مختلفتين يتلاقى امتداهما عند الجسم المنظور.
فيمكن القول عن الرؤية بالعين الواحدة رؤية بسيطة (ولعل هذا قصد الشيخ النابلسي بكلمة مسطحة)، وأما الرؤية بالعينين فهي رؤية مركبة تمنح معلومات عن الأبعاد الثلاثة.
والله أعلم

ثناء حاج صالح
28-07-2017, 03:22 PM
الأستاذة ثناء صالح المحترمة
منذ نشر الموضوع وقبل أن أدخل معك في الحوار ، أرسلت رابطه للمسؤول الإعلامي في برنامج التعريب . وهو الذي يتولى إبلاغه أو تعميمه... فاطمئني فكرتك وصلت مباشرة.

سدد الله خطاك وحفظك ورعاك

أستاذي الكريم الدكتور ضياء الدين الجماس
هذا هو الخبر السعيد !
ولا يسعني إلا أن أتقدم إليكم بجزيل الشكر والامتنان لاستجابتكم الكريمة للحوار ، ولمبادرتكم في إيصال الفكرة .
وأسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء ويسعدكم في الدنيا والآخرة .
ويمكننا متابعة هذا الحوار المثمر ، بإذن الله.
لكم الشكر والتقدير والتحية

ثناء حاج صالح
28-07-2017, 05:19 PM
الأستاذة ثناء صالح المكرمة
إنَّ استشهادك بقول الشيخ الدكتور محمد راتب نابلسي أن العين الواحدة ترى الأشياء مسطحة ، هو كلام مجازي لايحاسب عليه كعالم بصريات بل هو دكتور في اللغة العربية وسياق كلامه بيان فضل الله تعالى على الإنسان بمنحه عينين وليس عيناً واحدة فقط، والفرق كبير بين الرؤيتين في تقدير المسافات والأبعاد وليس في دقة (حدة) البصر إن كانت العين الواحدة ترى 6/6 . ولو لم يكن هذا الفرق كبيراً لما ذكر الله تعالى هذه النعمة في كتابه الكريم (ألم نجعل له عينين). وهناك كثير من الدول لا تمنح ذا العين الواحدة رخصة قيادة لاحتمال ارتكاب الحوادث لسوء تقدير أبعاد المسافات.
إن الرؤية شبه المجسمة في العين الواحدة ناتجة عن دقة رؤية الظلال وارتسام الخيال على شبكية العين الكروية. فالتجسيم الذي تراه العين الواحدة تجسيم تحليلي إدراكي فقط لا يقاس بدقة التجسيم الذي يتحقق بالعينين السليمتين الناتج عن تراكب صورتين مرئيتين بزاويتين مختلفتين يتلاقى امتداهما عند الجسم المنظور.
فيمكن القول عن الرؤية بالعين الواحدة رؤية بسيطة (ولعل هذا قصد الشيخ النابلسي بكلمة مسطحة)، وأما الرؤية بالعينين فهي رؤية مركبة تمنح معلومات عن الأبعاد الثلاثة.
والله أعلم
أستاذي الفاضل
فضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي داعية كبير . ويتمتع بشخصية اعتبارية مرموقة وذات مكانة. وأنا ممن يتابع محاضراته وتحليلاته العميقة في الفقه والعقيدة بكثير من الإعجاب . ولكنه - مع ذلك - قد أخطأ علميا في استنتاجه أن النظر بعين واحدة يؤدي إلى رؤية الأشياء مسطحة . وكلامه لا يحتمل تأويلا آخر . وهو أدق تعبيرا وانتقاء لألفاظه من أن يستخدم لفظة ( مسطحة ) ويقصد بها ( بسيطة ).

في الصفحة 241 من كتابه (موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة – آيات الله في الإنسان ) كتب :
((كيف أن هذه العين تستطيع أن ترى البعد الثالث ! وهو العمق ...ترى الطول والعرض والعمق ، لو جعل الله لنا عيناً واحدة لرأينا بها الأشياء مسطحة لا مجسمة بأبعادها الثلاثة .. )) . كلامه واضح ولا يحتمل التأويل .
وأنا لم أستشهد بالخطأ العلمي بهدف التشهير به - معاذ الله - ولكنني ذكرته لأدلل على النتيجة المترتبة على الترجمة الاصطلاحية الخاطئة التي قررها المعجم الطبي الموحد.
والدكتور النابلسي ذكر في مقدمة كتابه ما يفيد بأنه كان حريصا على التدقيق العلمي من قبل المختصين لكل حقيقة علمية وردت في كتابه .
فالخطأ العلمي لم ينشأ على يدي الدكتور النابلسي . بل هو خطأ شائع ومنتشر في الأوساط التعليمية من مدارس ومعاهد في كافة أقطار الوطن العربي التي تضع مناهجها لمادة علم الحياة ( البيولوجيا ) بالاعتماد على ما قرّره المعجم الطبي الموحد من مصطلحات علمية لهذه المادة . وسبب الخطأ العلمي في كلام الدكتور النابلسي وفي الفقرة الدراسية في المنهاج يكمن في التركيز على الأشياء المرئية (الأجسام ) بسبب دلالة (التجسيم )في عبارة الرؤية (المجسمة ).
في حين أن المعنى المطلوب التركيز عليه هو المجال الفراغي (ثلاثي الأبعاد) للرؤية ، وليس الأجسام المرئية.
فوجود عينين اثنتين يؤدي إلى تكامل المنظرين المختلفين من الشبكيتين في الدماغ الذي يدمج بينهما لنرى منظرا فراغيا (ثلاثي الأبعاد ) واحدا فقط. أما وجود عين واحدة فيؤدي إلى رؤية منظر فراغي ثلاثي الأبعاد أيضا ولكنه ذو مجال رؤية أقل من حيث الاتساع والامتداد ، ومن حيث الدقة .

الدكتور ضياء الدين الجماس
28-07-2017, 07:20 PM
هناك ملاحظة مجهولة السبب في انتشار المصطلحات العلمية أنها تتوقف على تقبل المتلقي للمصطلح، فقد سمعت ذلك من الأستاذ محمد هيثم الخياط - المشرف العام على المعجم الموحد- حيث ذكر أنه قد يصح مترادفين أو أكثر من المصطلحات وتتفاوت في دقة صياغتها ولكن الذي يكون أكثرها شيوعاً ليس هو الأدق صياغة ، فقد يكون لطبيعة حروف المصطلح وتناغم تتاليها أثر في ولع المتلقي لأحدها دون المترادفات الأخرى..
وقد مسحت في النت كثيراً من المواضيع التي تتناول موضوع الرؤية الثلاثية الأبعاد فوجدت أن التعبير عنها ب (الرؤية المجسمة) هو الأكثر شيوعاً حتى في المقالات العلمية رغم أن المصطلح الإنكليزي يحتوي على ثلاثة مقاطع :
stereo- scopic- vision وترجمة المصطلح أغفلت المقطع scopic الذي يعني ما يتعلق بالمشهد أو المنظار. ولم ينتشر بالدرجة ذاتها المرادفان : (الرؤية الفراغية) و (الرؤية ثلاثية الأبعاد). والمهم أن شرح المصطلحات يجب أن يكون دقيقاً ففي شرح المصطلحات يتضح المعنى المراد منها كما تكتشف أخطاء الصياغة. ولهذا نشأت فكرة شرح الموحد. ولكن لسبب ما تأخر اكتمال هذا المشروع.
والله أعلم

ثناء حاج صالح
04-08-2017, 10:24 PM
هناك ملاحظة مجهولة السبب في انتشار المصطلحات العلمية أنها تتوقف على تقبل المتلقي للمصطلح، فقد سمعت ذلك من الأستاذ محمد هيثم الخياط - المشرف العام على المعجم الموحد- حيث ذكر أنه قد يصح مترادفين أو أكثر من المصطلحات وتتفاوت في دقة صياغتها ولكن الذي يكون أكثرها شيوعاً ليس هو الأدق صياغة ، فقد يكون لطبيعة حروف المصطلح وتناغم تتاليها أثر في ولع المتلقي لأحدها دون المترادفات الأخرى..
وقد مسحت في النت كثيراً من المواضيع التي تتناول موضوع الرؤية الثلاثية الأبعاد فوجدت أن التعبير عنها ب (الرؤية المجسمة) هو الأكثر شيوعاً حتى في المقالات العلمية رغم أن المصطلح الإنكليزي يحتوي على ثلاثة مقاطع :
stereo- scopic- vision وترجمة المصطلح أغفلت المقطع scopic الذي يعني ما يتعلق بالمشهد أو المنظار. ولم ينتشر بالدرجة ذاتها المرادفان : (الرؤية الفراغية) و (الرؤية ثلاثية الأبعاد). والمهم أن شرح المصطلحات يجب أن يكون دقيقاً ففي شرح المصطلحات يتضح المعنى المراد منها كما تكتشف أخطاء الصياغة. ولهذا نشأت فكرة شرح الموحد. ولكن لسبب ما تأخر اكتمال هذا المشروع.
والله أعلم
أستاذي الكريم الدكتور ضياء الدين الجماس
أعتقد أن الأمر في تقبل المتلقي يتوقف على الشريحة التي يمثّلها المتلقي . كما أن للمناهج الدراسية التي تطرح المصطلح العلمي وتؤسس له في أذهان الناشئة تأثيرا كبيرا . ولوسائل الإعلام التي تبادر بالترويج للمصطلح التأثير الأكبر .
ومع احترامي لرأي الأستاذ هيثم الخياط إلا أنني أراه (رأيه ) ينطبق على المصطلحات العلمية التقنية والطبية ( وهي مصطلحات علمية بالمعنى المجازي الاتفاقي العام لصفة (العلمية )، وليس بالمعنى الجوهري لهذه الصفة . كتسميات الأجهزة والأدوات والآليات والأمراض، أكثر مما ينطبق على التسميات العلمية للمفاهيم الأساسية ، والتي يجب أن تكون صارمة ودقيقة وغير اصطلاحية وغير مطروحة لاختيار المتلقي غير المتخصص ،والذي ينبغي له أن يمثل الجانب المنفعل لا الجانب الفعّال في مسألة تقبلها أو عدم تقبلها.
فهناك دائما فروق حقيقية دقيقة بين دلالات الأسماء المترادفة تسمح بإجراء عملية مفاضلة ، يتم على أساسها تفضيل الاسم الأكفأ دون سواه للدلالة على المفهوم العلمي بدقة أكبر .

رحيمة صويلح
14-04-2018, 12:29 AM
بارك الله فيك

تاريخ العرب
04-10-2019, 01:10 AM
مشكور