د.محمد الرحيلي
24-12-2002, 07:44 AM
تتحدث كتب التاريخ عن ألوف المخطوطات والمصنفات العربية التي ضاعت منذ دخول التتار بغداد..
ولهذا نحن لانعرف بالضبط مدى التقدم العلمي والفكري والأدبي الذي وصل إليه العرب ولا نعرف حجم إسهام العرب والمسلمين في الحضارة الإنسانية لأن بعض ما بقي من المصنفات والمخطوطات تسرب إلى أيدي الغير وتم انتحاله ولم يصلنا إلا بعض ما صنفه العلماء العرب والمسلمون ..
وهناك مخطوطات أخرى كثيرة فقدناها إلى الأبد لأن الأميّة المنتشرة في أنحاء كثيرة من العالم العربي والإسلامي جعلت الناس لا يدركون أهمية هذه المخطوطات التي كانت توضع في المساجد وفي الزوايا وفي المكتبات الخاصة التي تؤول ملكيتها في كثير من الأحيان إلى ورثة لا يدركون أهميتها. ولازلت أذكر المرحوم الدكتور صلاح الدين المنجد في إحدى محاضراته العامة وهو يروي بحزن شديد أنه كان في جولة في ارياف المغرب عندما دخل مسجداً صغيراً في أحد الأودية وأطلعه إمام المسجد على خزينة كتب رثة المظهر في زاوية مهملة من زوايا المسجد. وعندما تفحص محتويات الخزانة وجد فيها بعض المخطوطات القيمة والنادرة. وكان الدكتور المنجد يومها يتساءل: ترى كم من المخطوطات النادرة تقبع الأن في رفوف مهملة في اقبية واضرحة ومساجد وخزانات ربما تكون آيلة للسقوط والضياع في أنحاء كثيرة من العالم العربي والإسلامي !؟
هذا السؤال يتجدد دائماً .. وقد فقدت دار الكتب المصرية آلاف الكتب والمخطوطات في السنوات الأخيرة فقط، فضلاً عما ضاع من مخطوطات كثيرة في المكتبات الأخرى.
وقد نشرت جريدة الوطن خبراً مأساوياً جاء فيه ان دار الكتب المصرية قد فقدت مؤخراً 4470( أربعة آلاف واربعمائة وسبعين) كتاباً نادراً عندما باعت في مزاد علني 75طناً من الورق القديم على أحد التجار ثم تبين أن هذا الورق القديم يحتوي على كتب ومخطوطات نادرة. وعندما قامت النيابة المصرية بالتحقيق مع التاجر وجدت أنه تصرف بالكتب ولم يبق منها سوى خمسين كتاباً لأن الرجل كان يعتقد أن هذا الورق هو مجرد مخلفات مطابع!! وجاء في الخبر تفاصيل محزنة عن عشرات الآلاف من المخطوطات القديمة النادرة التي فقدت من مكتبة الأزهر وغيرها.. ومن ضمن المخطوطات النادرة التي فقدت مخطوطة رسالة الإمام الشافعي في قواعد أصول الفقة وعلوم القرآن الكريم.
نحن نتألم كثيراً عندما نقرأ في كتب التاريخ كيف فقدنا عدداً لايحصى من المخطوطات بعد سقوط بغداد وسقوط الأندلس ودمشق والقدس في القرون السابقة.. لكن تلك الكوارث حدثت في ظروف غير عادية عند هجوم التتار والصليبيين وغيرهم.. أما ضياع المخطوطات النادرة في الوقت الحاضر بسبب الإهمال والتقصير فهو مأساة فظيعة لأنه غير مبرر كما أنه يمكن أن يتكرر دون أن يعرف عن ذلك أحد عندما يتم التستر عليه أو عندما لا يفطن إليه المعنيون بالأمر.
أتمنى أن لا تمر هذه الحادثة هكذا دون أن نأخذ العبرة منها. وأن نتعلم، نحن والأخوة في مصر وفي مختلف أنحاء العالم العربي، كيف نحافظ على هذا الإرث الحضاري الكبير، فإذا كنا عاجزين عن الوصول إلى المستوى الذي وصل إليه الأجداد فإن أقل ما يمكن عمله هو المحافظة على ما تركوه لنا من مخطوطات وآثار.
( مقالة للدكتور عبدالواحد الحميد في جريدة الرياض )
ولهذا نحن لانعرف بالضبط مدى التقدم العلمي والفكري والأدبي الذي وصل إليه العرب ولا نعرف حجم إسهام العرب والمسلمين في الحضارة الإنسانية لأن بعض ما بقي من المصنفات والمخطوطات تسرب إلى أيدي الغير وتم انتحاله ولم يصلنا إلا بعض ما صنفه العلماء العرب والمسلمون ..
وهناك مخطوطات أخرى كثيرة فقدناها إلى الأبد لأن الأميّة المنتشرة في أنحاء كثيرة من العالم العربي والإسلامي جعلت الناس لا يدركون أهمية هذه المخطوطات التي كانت توضع في المساجد وفي الزوايا وفي المكتبات الخاصة التي تؤول ملكيتها في كثير من الأحيان إلى ورثة لا يدركون أهميتها. ولازلت أذكر المرحوم الدكتور صلاح الدين المنجد في إحدى محاضراته العامة وهو يروي بحزن شديد أنه كان في جولة في ارياف المغرب عندما دخل مسجداً صغيراً في أحد الأودية وأطلعه إمام المسجد على خزينة كتب رثة المظهر في زاوية مهملة من زوايا المسجد. وعندما تفحص محتويات الخزانة وجد فيها بعض المخطوطات القيمة والنادرة. وكان الدكتور المنجد يومها يتساءل: ترى كم من المخطوطات النادرة تقبع الأن في رفوف مهملة في اقبية واضرحة ومساجد وخزانات ربما تكون آيلة للسقوط والضياع في أنحاء كثيرة من العالم العربي والإسلامي !؟
هذا السؤال يتجدد دائماً .. وقد فقدت دار الكتب المصرية آلاف الكتب والمخطوطات في السنوات الأخيرة فقط، فضلاً عما ضاع من مخطوطات كثيرة في المكتبات الأخرى.
وقد نشرت جريدة الوطن خبراً مأساوياً جاء فيه ان دار الكتب المصرية قد فقدت مؤخراً 4470( أربعة آلاف واربعمائة وسبعين) كتاباً نادراً عندما باعت في مزاد علني 75طناً من الورق القديم على أحد التجار ثم تبين أن هذا الورق القديم يحتوي على كتب ومخطوطات نادرة. وعندما قامت النيابة المصرية بالتحقيق مع التاجر وجدت أنه تصرف بالكتب ولم يبق منها سوى خمسين كتاباً لأن الرجل كان يعتقد أن هذا الورق هو مجرد مخلفات مطابع!! وجاء في الخبر تفاصيل محزنة عن عشرات الآلاف من المخطوطات القديمة النادرة التي فقدت من مكتبة الأزهر وغيرها.. ومن ضمن المخطوطات النادرة التي فقدت مخطوطة رسالة الإمام الشافعي في قواعد أصول الفقة وعلوم القرآن الكريم.
نحن نتألم كثيراً عندما نقرأ في كتب التاريخ كيف فقدنا عدداً لايحصى من المخطوطات بعد سقوط بغداد وسقوط الأندلس ودمشق والقدس في القرون السابقة.. لكن تلك الكوارث حدثت في ظروف غير عادية عند هجوم التتار والصليبيين وغيرهم.. أما ضياع المخطوطات النادرة في الوقت الحاضر بسبب الإهمال والتقصير فهو مأساة فظيعة لأنه غير مبرر كما أنه يمكن أن يتكرر دون أن يعرف عن ذلك أحد عندما يتم التستر عليه أو عندما لا يفطن إليه المعنيون بالأمر.
أتمنى أن لا تمر هذه الحادثة هكذا دون أن نأخذ العبرة منها. وأن نتعلم، نحن والأخوة في مصر وفي مختلف أنحاء العالم العربي، كيف نحافظ على هذا الإرث الحضاري الكبير، فإذا كنا عاجزين عن الوصول إلى المستوى الذي وصل إليه الأجداد فإن أقل ما يمكن عمله هو المحافظة على ما تركوه لنا من مخطوطات وآثار.
( مقالة للدكتور عبدالواحد الحميد في جريدة الرياض )