خلال مطالعتي لبعض المقالات التي تعنى بالدرس الأدبي
المقارن, وقفت على مقالات رائعة تساوي في قيمتها كتب ومجلدات فأحببت أن
تشاركوني بعض هذه المعلومات التي استقيتها من بعض المقالات الخالدة..والتي
حاولت أن أصوغها بأسلوب سهل كي يسهل إدراك المعلومة ولكيلا يتحاشى
البعض قراءته...
يرى بعض الباحثين المعاصرين أن العرب تلاميذ للإغريق في الفلسفة والنقد
والمعارف الإنسانية العامة, وأن النقد العربي بالذات يدين للنقد الإغريقي ممثلا
بأفلاطون وأرسطو وسقراط ولكي نبين مدى وهن هذه الرؤية ,دعونا نتعرض
لبدايات كل من هذين النقدين أقصد العربي والإغريقي , فزمن أقدم النصوص
النقدية الإغريقية يربو على 2500 عام والنصوص النقدية العربية 1800عام
فالفرق هنا700عام بين البدايتين فلابد أن تختلف مسببات النقد وبداياته.
أيضا البيئة التي نشأ فيه النقد الإغريقي تختلف عن البيئة التي نشأ فيها النقد
العربي, فالنقد الإغريقي ولد في الحلبات الدينية التي تهيمن عليها الخرافات ,
في حين أن النقد العربي بدأ في الأسواق والنوادي كسوق عكاظ والمجنة وذي
المجاز ونوادي القوم وملاعب الفرسان حيث كان النقد جهدا أدبيا وجهدا إنسانيا
لايتصل بالأسطورة, وبالنسبة لطبيعة الناقد فالنقد الإغريقي كان نقدا جماعيا
أي في لجان تصدر قرارتها بالقرعة وهو نقد غير متخصص, في حين أن النقد
العربي صدر من نقاد بأعيانهم منهم الشاعر كالنابغة الذبياني ومنهم الخطيب
مثل أكثم بن صيفي ومنهم المرأة المتذوقة كأم جندب , كما أن طبيعة الشعر
نفسه- وهو مادة النقد في الغالب- تختلف بين الإغريق والعرب , فمصدر
الشعر عند أرسطو الإلهام من آلهة الشعر كما يزعم وعند أرسطو نبالة نفس
الشاعر أو خساستها , في حين أن مصدر الشعر عند العرب مختلف فالعرب
احتاجت إلى الغناء بمكارم أخلاقها وطيب أعراقها وذكر أيامها وأوطانها أي أن
حاجات المجتمع هي المصدر الأصيل للشعر.
من خلال هذا كله يتبين البون الشاسع بين النقدين في الزمان والمكان والمسببات
ومصدر وطبيعة المادة النقدية فكيف بعد هذا كله يقول البعض أن نقاد العرب
تلاميذ أفلاطون وأرسطو!!!!
دمتم بود , الـعـربـي ...