باب: مِنْ فأل الشعر وطيرته، ومعه باب: منافع الشعر ومضاره :
والشِّعْرُ مِفْتاحٌ لِبَابِ الْفَأْلِ = بِصِدْقِ مَوْعُودٍ ونَيْلِ فَضْلِ(1)
كَفَأْلِ (حَسَّان) بِيَوْمِ النُّصْرَهْ = بِفَتْحِ مَكّةٍ؛ فَوَفَّىْ شِعْرَهْ :
تَمَطُّرُ الْجِيَادِ، والنِّسَاءُ = تَمْسَحُهَا، مَوْعِدُها كَدَاءُ(2)
ورُبَّمَا تَطَيَّرُوا بِــ (ما) و(مَنْ)(3) = ودِيْنُنا يَدْعُو إلى الفألِ الحَسَنْ
ورُبَّمَا دَعَا بِسُوْءِ جَابَهْ(4)= مُوَافِقًا لِسَاعَةِ الإجابهْ
فَوَاطَأَ الشِّعْرُ بِهِ الْقَضَاءا = وبِالَّذِي بَغَىْ بِهِ قَدْ بَاءَا(5)
كَمِثْلِ ما رُوِيْ ولَيْسَ يُعْلَمْ = أَثَبَتَ الّذَي رَوَوْهُ أمْ لَمْ(6)
بِأَنَّ (قَيْسًا) قَدْ دَعَا أنْ يُبْتَلَىْ = بِغَيْرِ (ليلى) فَأُذِيْقَ الْعِلَلَا(7)
ومِثْل ما دَعَا بِهِ (الْمُؤَمَّلُ)(8) = مِنَ الْعَمَىْ، فَكَانَ ما يُؤَمِّلُ
وتِلْكَ زَلاَّتُ اللسانِ فاحْذَرُوا = فَكَالرُّؤَى تَصْدُقُ إذْ تُفَسَّرُ
والشعرُ دَيْنٌ والقَرِيْضُ سَلَفُ = ورُبَّ قَوْلَةٍ دَوَاهَا التَّلَفُ
مِنْ مِثْلِ ما يُرْوَىْ عَنِ (ابْنِ الرُّومِيْ) = بِأنَّهُ قَدْ غِيْلَ بالْمَسْمُومِ(9)
لأنّهُ كانَ كثيرَ الْهَجْوِ = يَعْدُوْ على الأعْراضِ كُلَّ عَدْوِ(10)
و(المُتَنَّبِيْ) ــ بِالْهِجَا ــ قَدْ قُتِلا = و بَيْتَ شِعْرٍ صارَ يُرْوَى مَثَلا(11)
ورُبَّ غَمْرٍ ماتَ حَتْفَ شِعْرِهِ(12) = ما كانَ فيهِ حازِمًا لأَمْرِهِ
ورُبَّما سالَ لَهُ النُّضَارُ = ورُبَّما أكْدَتْ بِهِ الأحجارُ(13)
والرِّزْقُ والآجالُ ذَاْ مَقْدُوْرُ = لا حِيْلَةٌ فيها ولا تَدْبِيرُ (14)
________________________________________
(1) الفأل الحسن: توقع الخير في المستقبل والاستبشار به. وضده: التطير.
(2) إشارة إلى تفاؤل حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ بفتح مكة في أبيات مشهورة له قالها، أولها : عدمنا خيلنا إن لم تروها...
وفيها دخول الخيل على تلك الحال والصفة. وقد صدّقه الله في هذا بإذنه وفضله.
تَمَطُّرُ الجياد: إسراعها يسبق بعضها بعضا. كَدَاء: الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِالْبَطْحَاءِ.
(3) بِـ (ما) و(مَن): أي : بغير العاقل وبالعاقل.
(4) أساء جَابَةً: تعجل في الدعاء على نفسه أو على من يحب.
(5) واطَأ : وافق. بَغَى: تعدَّى في الدعاء.
(6) أمْ لمْ... : أي: أم لم يثبت.
(7) هو قيس بن الملوح، المشهور بـ: (مجنون ليلى). والبيت: إشارة إلى قوله: (فهلاّ بشيءٍ غَيْرِ ليلى ابتلانيا). قيل: إنه ابتلي بالبرص قبل أن يموت. والله أعلم.
(8) هو: المُؤَمَّل بن أُمَيْل بن أسيد المحاربي.
(9) غِيْل: قُتل غِيْلةً وغدرا على غفلة منه. بالمسموم: بالسُّمّ. وهو: ابن الرومي: علي بن العباس بن جريج الرومي، الشاعر المشهور.
(10) يَعْدُو: من العدوان والظلم والتسلط.
(11)إشارة إلى بيته المشهور: الخيل والليل والبيداء تعرفني... وقيل إنه كان سببًا في رجوعه عن الفرار ومقتله. بالهِجَا: أي بسبب هجائه لغيره. الباء للسببية.
(12)الغَمْرُ: قليلُ الخبرة غيرُ المُجرِّب، أو: غير الناظر في عواقب الأمور. حَتْفَ شِعْرِه: على الكناية؛ كأنّ الشعر كان السبب في هلاكه.
(13) ربما اغتنى بكثرة النُّضَار(الذهب الخالص)، وربما أكْدَى(افتقر)، مأخوذ من: أكْدى الحافِر: إذا بلغ الكُدْية فلا يمكنه أن يحفر. والكُدْية: الأرضُ الغليظةُ أَو الصُّلبةُ لا تعمل فيها الفأس.
(14) الحِيْلة: القدرة والتصرف.
التعديل الأخير من قِبَل أحمد بن يحيى ; 09-01-2021 في 09:01 PM
وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحمِينَ
بابُ: تَعَرُّضِ الشعراءِ:
وعَالِمُ الشِّعْرِ تَرَاهُ مُعْرِضَا * عَنْ أنْ يَكُوْنَ حَكَمًا مُفَرِّضا(1)
كَـ (عُمَر) إذْ قَصَدَ التَّحَاشِيْ * بين(بني الْعَجْلانِ)(2) و(النَّجَاشِيْ)(3)
فَأَوْكَلَ الأمْرَ(4) إلى (حَسَّانَا) * مَعْ أنَّهُ قَدْ عَرَكَ الْبَيَانا(5)
ولَمْ يَكُنْ أقْصَرَ مِنْهُ بَاعَا * بَلْ حُجَّةٌ أرَادَهَا انْتِزَاعَا
أو أنَّهُ أرَادَ دَرْءَ الْحَدِّ * بِشُبْهَةٍ لَعَلَّهَا أنْ تُجْدِيْ
وقَدْ مَضَى الْقَوْلُ بِمَجْرَى الْحُكْمِ * ولَزِمَ الْمُجْرِمَ إثْمُ الْجُرْمِ(6)
فَمَا هَجَا الْقَوْمَ ولكِنْ سَلَحَا * بِمُخْبَثِ الْقَوْلِ الّذِيْ قَدْ طَفَحَا(7)
كَذَا (الْحُطَيْئَةُ)(8) الذي قد سُجِنا * في (الزِّبْرِقَانِ)(9) إذْ هَجَا وهَجَّنَا
قامتْ عليهِ حُجَّةٌ وحُجَّةُ * أُقِيْمَ فيها الْعَدْلُ والْمَحَجَّةُ(10)
وحَادَ في الْحُكْمِ أبو عُبَيْدَهْ(11) * لِسَائِلٍ، فَرَاغَ ثَمَّ حَيْدَهْ
(أبو نُوَاسَ)، (ابْنُ أبي عُيَيْنَهْ): ** سَمِّ لنا الأشْعَرَ مِنْهُمْ عَيْنَهْ(12)
فقالَ لا أحْكُمُ في الأحياءِ * كأنه قد حارَ مِنْ خَفَاء
وإنه لَعَالِمٌ مُعَلَّمُ * لكنها حاجَةُ نَفْسٍ تُكْتَم(13)
للشعرِ حَدٌّ قاطِعٌ ومِيْسَمُ(14) * وقَلَّمَا منهُ كَرِيمٌ يَسْلَمُ
فَكَمْ وَضِيْعٍ في الْوَرَى قَدْ رَفَعَا * وكم رفيعٍ حَطَّه ووَضَعَا
للشُّعَرا ألسنةٌ حِدَادُ * تُفْرَى بها الأعراضُ والأكبادُ
لِذَا اتَّقَى الأشرافُ مَزْحَ الشُّعَرا * وَجِدَّهُمْ بالأعْطِيَاتِ والقِرَى
واتَّخَذَ الْمُلوكُ منهمْ أُجَرَا * يُحَسِّنُونَ ما عَسَاهُ مُنْكَرَا(15)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
(1) فلا يحكم فيه حكما جازما؛ حتى يقلّبه على أوجه التأويل؛ كما فعل عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في حمله هجاءَ النجاشي لـ (بني العجلان) على المحمل الحسن درءًا للحد بالشبهة.
(2) هم: بنو العجلان بن عبدالله بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. وقد لقب أبوهم بالعجلان ، لتعجيله القِرَى للضيوف.
(3) هو : قيس بن عمرو النجاشي الحارثي.
(4) أَوْكَلَ الأمر إليه: فَوَّضَهُ إيّاه، وعَهِد به إليه.
(5)عرَكَ البيانا: استوفاه علما ونظرا، وكان عمر من أعلم الناس بنقد الشعر وأنفذهم فيه بصرا. مأخوذ من: عَرَكَ البَعيرُ: حَزَّ جَنْبَه بمِرْفَقِه حتى خَلَصَ إلى اللَّحْمِ.
(6) قيل إنه (أي النجاشي الشاعر) قد أقيم عليه الحدّ، وقيل: بل سُجِن.
(7) إشارة إلى حكم حسان: (ما هجاهم؛ ولكنْ سلح عليهم!). ومُخْبث القول: الهجاء المُقْذِع. طَفَحا: فاض وزاد.
(8) هو: أبو مُلَيْكة جرول بن أوس بن مالك العبسي.
(9) هو: الزبرقان بن بدر التميمي. في الزبرقان: (في) للسببية؛ أي بسبب هجائه له. ومنه قوله:
دع المكارمَ لا ترحلْ لبُغيتها * واقعدْ، فإنك أنت الطاعِمُ الكاسي.
(10) أي: حجة عمر وحجة حسان رضي الله عنهما. وقيل: إنه أمر به فسُجن في حفرة من الأرض. المَحَجَّةُ: الحُكْمُ البيِّن الواضح الموافقُ للصواب. مأخوذ من محجّة الطريق؛ وهو: جادَّتُه ووَسَطُه.
(11) هو: أبو عبيدة مَعْمَر بن المثنّى التيمي البصري. النحوي اللغوي، مولى بني تيم، تيم قريش.
(12) أبو نواس: هو الحسن بن هانئ الحكميّ بالولاء، وابن أبي عيينة هو: أبو عيينة بن محمد بن أبي عيينة المهلبي.
وقد سئل أبو عبيدة عن أيهما أشعر؛ فحاد عن الجواب وتوقف فيه.
(13) لعله لم يرد الفصل في الحكم؛ حتى لا تكثر اللجاجة والأخذ والرد في أمر تتفاوت فيه الآراء. وربما ناله بذلك سوء. والله أعلم.
(14) المِيْسَمُ اسمٌ للآلة التي يُوسَم بها كالمِكْواة. والمعنى على الاستعارة.
(15) أُجَرَا: بتخفيف الهمزة؛ أي: أجَرَاءُ، يعملون بالأجْرَة.
التعديل الأخير من قِبَل أحمد بن يحيى ; 08-01-2021 في 08:39 PM
وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحمِينَ
أعانكم الله أبا يحيى وسددكم
هذه بعض الملاحظات أرجو النظر فيها
لماذا نصبتم (تميم) مع أنه علم لمذكركَـ (عُمَر) إذْ قَصَدَ التَّحَاشِيْ * في الْحُكْمِ في (تَمِيْمَ)(2) و(النَّجَاشِيْ)(3)
هل حجة هنا منصوبة من باب الاشتغال: (أراد حجةً أرادها انتزاعا)ولَمْ يَكُنْ أقْصَرَ مِنْهُ بَاعَا * بَلْ حُجَّةٌ أرَادَهَا انْتِزَاعَا
هل (القول) هنا مرفوع لأنه فاعل (مضى)؟وقَدْ مَضَى الْقَوْلَ بِمَجْرَى الْحُكْمِ * ولَزِمَ الْمُجْرِمَ إثْمُ الْجُرْمِ(6)
وفقكم الله
وإياكم شيخنا الفاضل..أعانكم الله أبا يحيى وسددكم
هذه بعض الملاحظات أرجو النظر فيها
شكرًا لك. والمرء قليلٌ بنفسه، كثيرٌ بإخوانه.
شكرًا على هذه الملاحظة المهمة.لماذا نصبتم (تميم) مع أنه علم لمذكر
هو مجرور. وقد رأيتُ الفتح أخف في الضرورة(بمعاملته معاملة الممنوع من الصرف) من الكسر؛ ولكن اللبس حاصل بين (تميم) العلم، و(تميم) القبيلة!
فلعلي أغيرها إلى: (بين بني العجلان والنجاشي)؛ حتى لا أضطر إلى الضرورة مرة أخرى بعدم تنوين (تميمِ).
وجزاكم الله خيرا..
في الحقيقة : لقد ترددتُ بين النصب والرفع.. واستقر الرأي أخيرًا: على رفعها باستئناف الجملة بعد (بل) على تقدير: بل (هي) حجةٌ ...هل حجة هنا منصوبة من باب الاشتغال: (أراد حجةً أرادها انتزاعا)
سهو في الطباعة؛ وسيتم إصلاحه. فشكر الله لكم التنبيه عليه.هل (القول) هنا مرفوع لأنه فاعل (مضى)؟
حفظكم الله ورعاكم وجزاكم خيرًا على اهتمامكم وملحوظاتكم الكريمة .وفقكم الله
دمت طيبا مباركا.
التعديل الأخير من قِبَل أحمد بن يحيى ; 08-01-2021 في 06:06 PM
وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحمِينَ
جزاك الله خيرا وأعانك
باب التَكَسُّب بالشعر والأنَفَةُ منه:
وقد مَضَى المَقَالُ في التَّكَسُّبِ * ولم يَكُنْ ذا عادةً في العَرَبِ
حتى ارْتَضَاهُ (النَّابِغُ الذُّبْيَانيْ)(1) * مُرْتَضِخًا عَطِيَّةَ (النُّعْمَانِ)(2)
وقَصَدَ (الأعْشَى) بهِ اتِّجَارَا * يَطُوْفُ دارًا مَرَّةً فَدَارَا(3)
أكْثَرَ فِيْ إلْحَافِهِ (الْحُطَيْئَهْ) * يَأخُذُ مِنْهُ غَصْبَهُ وفَيْئَهْ(4)
ولَمْ يَكُنْ (زُهَيْرُ) عِنْدَ (هَرِمِ)(5) * إلا جَوَادًا كَرَمًا بِكَرَمِ(6)
يُبْلِي الزَّمَانُ حُلَّةَ الْعَطَّارِ * ولَيْسَ تَبْلَىْ حُلَّةُ الأشعارِ
شَهَادَةٌ قال بها لَهُ (عُمَرْ): * لا يَكْذِبُ المَدْحَ ولَكِنْ ما خَبَرْ(7)
كذاكَ كانَ حالُ مَنْ تَقَدَّمَا * يَأْنَفُ(8) سُؤْلاً ويَرَاهُ مَأْثَمَا
لامَ (لَبِيْدٌ)(9) بِنْتَهُ أيْ بِنْتِيْ: *أجَدْتِ لولا أنَّكِ اسْتَعَدْتِ(10)
لذاكَ فاقَ الشاعرُ الخطيبا * إذْ كانَ قَبْلُ الشاعرَ الأديبا
إذْ كانَ جُلُّ الشعرِ في الْمَحَامِدِ * بِكُلِّ مَجْدٍ طَارِفٍ و تَالِدِ(11)
حتى فَشَتْ في أهْلِهِ الضَّرَاعَهْ * فكانَ سُلَّمًا إلى الوَضَاعَهْ(12)
لَكِنَّ بَعْضَ الشعراءِ أَنِفَا * مِثْلَ (جَمِيْلٍ)(13) عَنْ مَدِيْحِ الشُّرَفَا
أوْ قاصِدٍ طَرِيقَةَ (ابْنِ الأحْنَفِ)(14) * لِبَالِغِ الْحِشْمَةِ والتَّظَرُّفِ
كذاكَ كانَ في الحِجَازِ (عُمَرُ * إِبْنُ أبِيْ رَبيعَةَ)(15) الْمُشْتَهِرُ
قَدْ قَصَدُوا النَّسِيْبَ والتَّغَزُّلا * أمَّا الْهِجَاءُ وكَذَا الْمَدْحُ فَلَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو: زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري، أبو إمامة، المشهور بالنابغة الذبياني.
(2) آخِذًا من فَضْل عطاياه وماله. ذُكِر أن أبا عمرو بن العَلاء سُئل: لِمَ خضع النابغةُ للنعمان؟ فقال: رغِب في عطائه وعصافيره(إبِلِه).
(3)جعل شعره مَتْجَرًا يتّجر به نحو البلدان والملوك عربًا وعجما.
(4) يأخذ ما أسمحت به النفوس وطابت الخواطر، وكذا ما لم تسمح به وتطب.
(5) هو: هرم بن قطبة بن سنان بن عمرو الفزاري، من قضاة العرب المشهورين في الجاهلية.
(6) كانت مدائحه تكافئ عطايا هرم وصِلاته؛ بل أكثر غناء وبقاء؛ كما قال عمر بن الخطاب لابنة زهير لما سألها: ما فعلتْ حُلَلُ هَرِم بن سنان التي كساها أباك. قالت: أبلاها الدهر. فقال عمر: لكن ما كساه أبوك هرمًا لم يُبْلِه الدهرُ!
(7)وذلك قوله ـ رضي الله عنه ـ في شأن زهير: لا يمدح الرجلَ إلا بما فيه.
(8) يأنف سُؤْلا: يأبى المسألة بالشعر تنزُّهًا وترفُّعا.
(9) هو: أبو عقيل لَبيد بن ربيعة بن مالك العامِري. من شعراء المعلقات.
(10) وذلك قوله لابنته لما شكرت الوليد بن عقبة بشعر مدح نيابة عنه؛ قال: (لقد أجدْتِ لولا أنكِ استعدْتِ)؛ كراهية في قولها: (فعُدْ إنّ الكريمَ له مَعَادُ). ويُروى: لولا أنك استزدتِ.
(11)بكل مجد قديم وحديث.
(12) حتى فشا فيهم ذل المسألة، فكان سببا في إراقة ماء الوجه طمعا وجشعا فوق البلغة والكفاف.
(13) هو: جميل بن عبد الله بن مَعْمَر العُذْري القُضاعي، المشهور بـ(جميلِ بُثينة).
(14) هو: أبو الفضل، العباس بن الأحنف بن الأسود بن طلحة الحنفي اليمامي. كان شاعرا عُذريا مطبوعا.
(15) هو: عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، أبو الخطاب. اشتهر بشعر الغزل .
التعديل الأخير من قِبَل أحمد بن يحيى ; 09-01-2021 في 08:47 PM
وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحمِينَ
بابُ: تَنَقُّل الشعرِ في القبائل:
والشِّعْرُ كانَ قَبْلُ في (رَبِيْعَهْ) * (مُهَلْهِلٌ)(1) كانَ بِهِ طَلِيْعَهْ (2)
خالُ (امْرِئِ القَيْسِ)، وجَدُّ (عَمْرِو) * لأُمِّهِ(3)، والشِّعْرُ فِيْهِمْ يَجْرِي
وإنَّمَا سُمِّيَ بِالْمُهَلْهِلِ * لِخِفَّةٍ في شِعْرِهِ الْمُسَهَّلِ(4)
وقِيْلَ: لاخْتِلاَفِهِ، وقِيْلَ بَلْ * لِقَوْلِهِ: (هَلْهَلْتُ)(5) فِيْ بَيْتٍ فَدَلّ
ومِنْ (رَبِيْعَةَ) الْمُرَقَّشَانِ * أَكْبَرُهُمْ فَذَاكَ عَمُّ الثَّانِيْ(6)
وأَصْغَرٌ مِنْهُمْ فَعَمُّ (طَرَفَهْ) * وَكُلُّهُمْ أدَّىْ لِمَنْ قَدْ خَلَفَهْ
وخَالُهُ :الْمَشْهُوْرُ بِـ (الْمُتْلَمِّسِ) * كَذَاكَ (أَعْشَى) خَالُهُ: (ابْنُ عَلَسِ)(7)
ومِنْهُمُ (الْحَارِثُ إِبْنُ حِلِّزَهْ)(8) * و(ابْنُ قَمِيْئة)(9)، وكُلٌّ أحْرَزَهْ
ثُمَّتَ في (قَيْس) أنَاخَ الشِّعْرُ:* النَّابِغَانِ وزُهَيْرُ، الْغُرُّ
و(ابْنُ زُهَيْرٍ: كَعْبُ)، و(لَبِيْدُ) * وكُلُّهُمْ مُقَدَّمٌ مُجِيْدُ
(حُطَيْئَةُ)، (الشَّمَّاخُ) و(الْمُزَرِّدُ) * وكُلُّهُمْ في شِعْرِهِ مُجَوِّدُ(10)
ثُمَّ اسْتَقَرَّ في (بَنِيْ تَمِيْمِ) * في حَسَبٍ ونَسَبٍ مُقِيْمِ
أشْعَرُهُمْ ـ لا شَكَّ ـ (أوْسُ بْنُ حَجَرْ)(11) * وقِيْلَ: بَلْ أشْعَرُ ما جَادَتْ (مُضَرْ)
قَدَّمَهُ ـ وقَدْ حَكَوْهُ ـ (الأصْمَعِيْ)(12) * على (زُهَيْرٍ)، وجَمِيْعٌ ألْمَعِيْ(13)
وقِيْلَ بَلْ طَأْطَأَ مِنْهُ (النَّابِغَهْ) * وكُلُّهُمْ لَهُ أيَادٍ سَابِغَهْ
والْحَيُّ مِنْ (هُذَيْلَ) فَهْوَ أَشْعَرُ * قَالَ بِهِ (حَسَّانُ)، قَوْلٌ يُؤْثَرُ(14)
وقِيْلَ أَهْلُ السَّرَوَاتِ أعْذَبُ * أفْصَحُهَا والشِّعْرُ مِنْها أَعْجَبُ
(بَجِيْلَة)، (هُذَيْلُ) عند الحَدِّ * ثم تَلِيْهِمَا (سَرَاةُ الأزْدِ) (15)
وقِيْلَ: بَلْ (عُلْيَا تَمِيْم) أفْصَحُ * كَذَا و(سُفْلَى قَيْس)(16)، كُلٌّ مُفْصِحُ
وقِيْلَ بَلْ سَافِلَةُ الْعَالِيَةِ ـ * (هَوَازِن) ـ عَالِيَةُ السَّافِلَةِ(17)
وقَدَّمُوا في الشِّعْرِ سَادَاتِ الْيَمَنْ * إذْ كَثُرُوا على امْتِدَادٍ في الزَّمَنْ
(الْمَلِكُ الضِّلِّيْلُ) ذَاكَ أوَّلُ * (حَسَّانُ) في الإسلامِ فَهْوَ أَكْمَلُ
وفِي الْمُوَلَّدِيْنَ: (إبْنُ هَانِيْ)(18) * وصَحْبُهُ، وكُلُّهُمْ يَمَانِيْ
(دِعْبِلُ)(19) فِيْهِمْ، وكَذَاكَ (مُسْلِمُ)(20) * واذْكُرْ (أبَا الشِّيْصِ)(21) فَذَاكَ مِنْهُمُ
طَبَقَةٌ، ثُمَّتَ تَتْلُوْ طَبَقَهْ * طَائِيَةٌ بِحُسْنِها مُمَنْطَقَهْ:
(الْبُحْتُرِيُّ) شَاعِرُ الْعَمُوْدِ * كذا (حَبِيْبٌ) رائِدُ التَّجْدِيْدِ(22)
وخَاتَِمُ الشِّعْرِ فَذَاكَ يُحْمَدُ * الْمُتَنَبِّي ابْنُ الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ(23)
وقِيْلَ عَادَ الشِّعْرُ في (رَبِيْعَهْ) * كَمَا بَدَا، فَحَمِدَتْ صَنِيْعَهْ (24)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو: أبو ليلى المهلهل، عديّ بن ربيعة بن الحارث التغلبي. شاعر من أبطال العرب في الجاهلية.
(2) طليعة: من الروّاد الأوائل في قول الشعر، كما قال الفرزدق: ومهلهلُ الشعراء ذاك الأول.
(3) هو خالُ امرئ القيس بن حُجْر الكندي، وجَدُّ عمرٍو بن كلثوم (أبو أمه).
(4) من التَّسْهيل؛ لِخِفَّة فيه ورِقَّة.
(5) في قوله: لَمَّا تَوَغَّلَ في الكُراعِ هَجِينُهُم*هَلْهَلْتُ أَثْأَرُ مالِكاً أَو صِنْبِلا.
(6) ومن (ربيعة): المرقشان(الأكبر والأصغر)، والأكبر منهما عَمُّ الأصغر، والأصغرُ عَمُّ طرفة بن العبد، واسم الأكبر: عوف بن سعد، واسم الأصغر: عمرو بن حرملة، وقيل: ربيعة بن سفيان.
(7) هو:المُتَلمِّس(سُكِّنت التاء لضرورة النظم)، وهو خالُ طرفة، واسمه: جرير بن عبد المسيح. والأعشى، واسمه: ميمون بن قيس بن جندل، وخاله: المسيب بن عَلَسَ، واسم المسيب: زهير.
(8) هو: الحارث بن حِلِّزة بن بكر بن وائل بن أسد بن ربيعة.
(9) هو:عمرو بن قميئة، ابن أخ المرقش الأكبر، وقيل: إنه أخوه. وقيل إنه كان صاحب امرئ القيس في رحلته إلى قيصر الروم التي هلك فيها.
(10) ثم تحول الشعر في شعراء (قَيْس)، فمنهم: النابغتان(الذبياني والجعدي)، وزهير بن أبي سلمى، وابنه كعب، لأنهم يُنسبون في عبد الله بن غطفان، واسم أبي سلمى: ربيعة. ولبيد، والحطيئة، والشماخ: واسمه مَعْقِل بن ضِرَار، وأخوه مُزَرِّدُ، واسمه: جَزْءُ بن ضرار، وقيل: بل اسمه يزيد، وجَزْء أخوهُما.
(11) أوس بن حَجَر بن مالك التميمي، أبو شُريح. من كبار شعراء تميم في الجاهلية.
(12) هو: عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع الباهلي. من رواة العرب، وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان.
(13) كان الأصمعي يقول: أوس أشعر من زهير، ولكن النابغة طأطأ منه. وكان زهيرٌ راويةَ أوس، وكان أوس زوج أمِّ زهير.
(14) سئل حسان بن ثابت رضي الله عنه: من أشعر الناس؟ فقال: أرجلاً أم حَيَّاً؟ قيل: بل حَيّاً، قال: أشعر الناس حياً هذيل. قال ابن سلام الجمحي: وأشعر هذيل أبو ذؤيب غير مدافع.
(15) قال الأصمعي: قال أبو عمرو بن العلاء: أفصح الشعراء لساناً وأعذبهم أهل السروات، وهن ثلاث وهي الجبال المطلة على تهامة مما يلي اليمن: فأولها هذيل، وهي تلي السهل من تهامة، ثم بجيلة في السراة الوسطى، وقد شركتهم ثقيف في ناحية منها، ثم سراة الأزد أزد شنوءة، وهم بنو الحارث بن كعب بن الحارث بن نصر بن الأزد.
(16) قال أبو عمرو أيضاً: أفصح الناس عُلْيا تميم وسُفْلى قَيْس.
(17) قال أبو زيد: أفصح الناس سافلة العالية وعالية السافلة، يعني: عَجُز هوازن.
(18) هو: أبو نواس، الحسن بن هانئ .
(19) هو: أبو علي دِعْبِلُ بْنُ عَلِي بْنُ رَزين الخُزَاعِيُّ. من مشاهير شعراء العصر العباسي.
(20) هو: مسلم بن الوليد الأنصاري، أحد أعلام الشعراء في العصر العباسي، فارسي الأصل، عربي الولاء؛ إذ كان جدُّه مولى آل سعد بن زرارة الخزرجي.
(21) هو: أبو الشِّيْص، محمد بن عبد الله بن رَزين الخزاعي، وهو ابن عم دعبل الخزاعي .شاعر عباسي مولّد مشهور.
(22) كان البحتري (أبو عبادة الوليد) على مذهب الأعراب في الشعر؛ وهو ما عُرف عند النقاد بـ (عمود الشعر). وكان أبو تمام(حبيب بن أوس) على مذهب المجددين أصحاب البديع.. وسيأتي بيان ذلك في أبواب تالية إن شاء الله.
(23) هو أبو الطيب الشاعر المشهور. نُسبَ في (كِنْدَة)؛ فكان يقال: بُدِئَ الشعر بكندة؛ يعنون امرأ القيس، وخُتِمَ بكندة، يَعْنُونَ أبا الطيب. وقيل: إنه جعفي. وقيل: كان غامض النسب. والله أعلم.
(24) قال بعضهم: رجع الشعر إلى (ربيعة)؛ فختم بها كما بدئ بها؛ يريدون مهلهلاً وأبا فراسٍ(الحمداني).
التعديل الأخير من قِبَل أحمد بن يحيى ; 13-01-2021 في 04:58 PM
وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحمِينَ
باب في القدماء والمُحْدَثين:
كُلُّ قَدِيْمٍ فَجَدِيْدٌ مُحْدَثُ * في إِثْرِ كُلِّ سَابِقٍ يُوَرَّثُ(1)
شِعْرُ (جَرِيْرٍ)(2) وكَذَا (الْفَرَزْدَقُ)(3) * مُوَلَّدٌ في جَنْبِ مَنْ قَدْ سَبَقُوا(4)
إذْ لَمْ يَرَوْهُ، أَقْصِدُ الْمُوَلَّدَا * أهْلاً ـ ولَوْ كَانَ رَصِيْنًا جَيِّدَا:
لِأَنْ يَكُوْنَ مَعْدِنَ الرِّوَايَةِ * ومَوْضِعَ الشَّاهِدِ والْعِنَايَةِ
لأنَّهُ ـ وإنْ سَمَا إلى نَمَطْ * فَقَلَّ مَنْ يَضْبِطُهُ إلا خَلَطْ
وكُلُّ حُسْنٍ فإلَيْهِ سُبِقُوا * وكُلُّ قُبْحٍ فَبِهِ تَحَقَّقُوا(5)
(إبْنُ الْعَلاَءِ)(6) ذَاهِبٌ ذَا الْمَذْهَبَا * و(الأصْمَعِيْ)، وكُلُّ مَنْ قَدْ صَحِبَا
و(ابْنُ قُتَيْبَة)(7) فَلاَ يَرَاهُ * فَالْعِلْمُ قَائِمٌ بِمَنْ أدَّاهُ
قَدْ قَسَّمَ اللهُ بِهِ الْقُسُوْمَا * ووَزَّعَ الأرْزَاقَ والْفُهُوْمَا(8)
لَوْ كَانَ يَفْنَى الشِّعْرُ قَدْ أفْنَاهُ * تَوَارُدُ الْقَوْمِ على أحْسَاهُ(9)
لَكِنَّهُ صَوْبُ الْعُقُوْلِ دَائِبَا * سَحَائِبٌ مِنْهُ تَلِيْ سَحَائِبا
بِذَاكَ وَفَّى النَّقْدَ في تَمَامِ * الشاعِرُّ النَّطْسُ(10) أبو تَمَّامِ(11)
وشُعَراءُ كُلِّ عَصْرٍ أَهْلُهُ * على يَدَيْهِمْ سَيْبُهُ وفَضْلُهُ (12)
ورَائِقُ الشِّعْرِ هُوَ الْمُجَوَّدُ * لَيْسَ بِحُوْشِيٍّ ولَيْسَ يَبْرُدُ(13)
حَلَاوَةُ الشِّعْرِ كَذَا طُلَاوَتُهْ * مَقَاصِدٌ تَحْكُمُها تِلاوَتُهْ (14)
لِلشِّعْرِ طَبْعٌ ولَهُ أَتِيُّ * نَزْقٌ إذا اسْتَكْرَهْتَهُ عَصِيُّ (15)
مَنْ لَمْ يُقِمْ حَدَّ الْمَعَانِيْ وَهِمَا * ومَنْ أحَاطَ عِلْمَ ذَاكَ عَلِمَا(16)
وقِيْلَ مَأثُوْرُ الْقَرِيْضِ كَالنَّغَمْ * يَجْهَلُهُ مَنْ لَيْسَ يَدْرِيْ كَيْفَ تَمّ (17)
لا يَعْرِفُ الْمُحْكَمَ إلاّ مَنْ حَكَمْ * وقَدْ يَزِلُّ الطَّرْفُ عَنْ طَوْدٍ أَشَمّ(18)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كلُّ قديم من الشعراء فهو مُحْدَثُ في زمانه بالإضافة إلى مَنْ كان قبله.
(2) هو: أبو حَزْرة، جرير بن عطيّة بن الخطفى، من بني كليب بن يربوع، من قبيلة تميم، أحد ثلاثة شعراء كانوا المقدمين على شعراء العصر الأموي، وهم: جرير والفرزدق والأخطل.
(3) هو: همّام بن غالب بن صعصعة ، من بني دارم من قبيلة تميم، من أدّ بن طابخة. ويكنى أبا فراس، ولُقب بالفرزدق لغلظٍ وتجهّمٍ واستدارةٍ بوجهه؛ فهو يشبه الرغيف.
(4) كان أبو عمرو بن العلاء يقول: لقد حَسُن هذا المُوَلَّد حتى هممت أن آمر صبياننا بروايته، يعني بذلك شعر جرير والفرزدق، فجعله مولداً بالإضافة إلى شعر الجاهلية والمخضرمين، وكان لا يَعُدُّ الشعرَ إلا ما كان للمتقدمين.
(5) قال الأصمعي: جلست إليه (أي إلى عمرو بن العلاء) ثمانيَ حِجَجٍ، فما سمعته يحتج ببيت إسلامي. وسُئل عن المولّدين فقال: ما كان من حسن فقد سُبقوا إليه، وما كان من قبيح فهو من عندهم؛ ليس النمطُ واحدًا: ترى قطعة ديباج، وقطعة مسيح، وقطعة نطْع.
(6) هو: أبو عمرو زبّان بن عمار التميمي المازني البصري، المشهور بأبي عمرو بن العلاء. من أئمة اللغة والأدب وأحد القراء السبعة.
(7) هو: أبو محمّد، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدِّيْنَوَرِيّ، من أشهر أعلام المئة الثالثة في الأدب واللغة والأخبار وعلوم القرآن والحديث.
(8) كما قال: لم يَقْصُرِ اللهُ الشعرَ والعلم والبلاغة على زمن دون زمن، ولا خص قومًا دون قوم، بل جعل الله ذلك مشتركًا مقسومًا بين عباده في كل دهر، وجعل كل قديم حديثًا في عصره.
(9) أي : على أحسائه: وأحساء جَمْعُ: حَسْيُ، وحِسْيُ، وحِسَى: سَهْلٌ من الأرضِ يَسْتَنْقِعُ فيه الماءُ، أوغِلَظٌ فَوْقَهُ رَمْلٌ يَجْمَعُ ماءَ المَطَرِ، وكُلَّما نَزَحْتَ دَلْواً، جَمَّتْ أُخْرَى.
(10) عَالِمٌ نَطْسٌ : مُدَقِّقٌ فِي الأُمُورِ، بَعِيدُ النَّظَرِ.
(11) وذلك قوله: فلو كان يَفْنَى الشِّعْرُ أفناه ما قَرَتْ * حياضُك مِنْه في العصور الذواهبِ
ولكنه صَوْبُ العقول؛ إذا انجَلَتْ * سحائبُ منه أُعْقِبتْ بسحائبِ
(12) هم أولى به وبمعانيه في زمانهم(كما غيرهم أولى بها في زمانه)؛ لأنهم يعيشونه واقعا محسوسا، ويتفاعلون مع أحداثه وحوادثه. سَيْبُه: مزيد عطائه وتدفقه.
(13) الجيد الحَسَنُ من الشعر: هو الذي يختاره العلماء بالشعر، ويبقى غابِرُه على الدهر، ويبعد عن الوحشي المستكره، ويرتفع عن المولد المُنتحَل، ويتضمن المثل السائر، والتشبيه المصيب، والاستعارة الحسنة. وليس التوليد والرقة أن يكون الكلام ركيكاً سَفْسَافاً، ولا بارداً غَثّاً، كما ليست الجزالة والفصاحة أن يكون حوشياً خشناً ولا أعرابياً جافياً، ولكنْ حالٌ بين حالين.
(14) الشعر ذو الحلاوة والطلاوة تظهر محاسنه عند تلاوته، وفي مقاطع إنشاده، وغيرُ الحسنِ يختلُّ عند الإنشاد.
(15) مَنْ تكلّفَ غيرَ طَبْعِه استعصى عليه. الأتِيُّ: السَّيْلُ المندفِع؛ يأتي من حيثُ لا يُدْرَك. النَّزِق: صَعْبُ الانقيادِ، سريعُ التَحوُّل: من الإسماح واليسر إلى الإباء والعسر.
(16) ليس للشاعر المُحْدَث أن يتكلَّف معاني القدماء إلا أنْ يُحِيطَ بها علما ويعيشها واقعا؛ فإنما الشاعرُ ابنُ زمانه.
(17) قيل إنّ قائلَ الشعرِ الحُوشِّي بمنزلة المُغَنِّى الحاذقِ بالنَغَم غَيْرِ المطربِ الصوتِ؛ يُعْرضُ عنه إلا من عَرَفَ فَضْلَ صنعتِه.
(18) قد يُجْهَلُ حَقُّ القديمِ العتيق، ويَقْصُرُ ذوقُ المُحْدَثِ (لا سيما العامِيّ) عن إدراك علو منزلته وفضله في الشعر؛ كما يتقاصر بَصَرُ الواقف تحت الجبل العظيم عن إدراك مدى امتداده وشموخه. والله أعلم.
التعديل الأخير من قِبَل أحمد بن يحيى ; أمس في 10:32 PM
وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحمِينَ
بوركت أستاذي أبا يحيى وجزاك الله خيرا بما أمتعتنا.في الهامش رقم (11) كلمة (منه) سقطت سهوا في عجز البيت. ولكم مني ما تستحقون من التحية والتوقير.
التعديل الأخير من قِبَل عبد الله عبد القادر ; أمس في 08:40 PM
بارك الله فيك وأعانك
التعديل الأخير من قِبَل أبو الحارث سمير عطلاوي ; اليوم في 02:09 PM