وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لم أقرأ كل الردود السابقة، وقد أقرأها بعد، لكن ما يظهر لي أن لا خلاف في هذه الردود على الرفع، وإنما الخلاف على النصب بأن مضمرة.
والذي أراه أن الوجه هو الرفع لا غير، ولو كان إضمار أن مقبولا من جهة المعنى؛ وذلك لأن نصب المضارع بأن مضمرة له مواضع ليس هذا من بينها. وهذا ما عليه جمهور النحويين.
ولا تحذف أن وينصب المضارع بها إلا لضرورة شعرية قبيحة، وليس في البيت ضرورة للنصب. لذا فالوجه، في رأيي، الرفع لا غير لعدم سبق الفعل بناصب أو جازم. لو ذكرت أن انتصب الفعل ولو حذفت ارتفع، إلا في المواضع التي حددها النحاة. هذا على مذهب البصريين المعمول به، والكوفيون يجيزون ذلك؛ وهو خلاف المستقر عليه.
ومن المواضع التي انتصب فيها المضارع شذوذا للضرورة الشعرية بتقدير أن محذوفة، أو على مذهب الكوفيين؛ قول المتنبي:
بيضاء يمنعها تَكلَّمُ دلها ... تيها، ويمنعها الحياء تميسا
فنصب تميس بأن محذوفة لأن روي القصيدة مفتوح، والمتنبي على علو قدره ليس ممن تؤخذ عنه شواهد اللغة. لذا عابوا عليه نصب الفعل هنا، ولعل المتنبي نفسه كان يدرك ذلك، لأن الفعل المضارع (تكلم) أي تتكلم يروى بالرفع، وهو موضع يشبه موضع تميس، لكنه رفع (تكلم) لعدم وجود الضرورة التي في تميس.
استدل بعض الكوفيين بقول طرفة: ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ... بنصب أحضرَ، ولا يعد هذا دليلا، ولا شاهدا، لأنه يروى بالرفع ولا مسوغ لنصبه.
الخلاصة:
تخونني مرفوع، ونصبه بأن مضمرة ممنوع على الصحيح ولا مسوغ له، ورأي الكوفيين لا دليل صريحا عليه. ومن أجاز النصب فبالرأي الضعيف أخذ، أو ممن يأخذ بالـ(تيسير) المخل من المعاصرين.
والله أعلم.