بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على رسول رب العالمين وبعد ،
أحب أن نتشارك في ذكر المواقف التي مرت بنا سواء أكانت تربوية أم تعليمية ؛ لتعم الفائدة بيننا معاشر المعلمين ، ولنتعلم من بعض :
وهذا الموقف الأول ( تربوي ) :
في يوم من الأيام حضر لمكتب أحد الأساتذة طالب في الصف الثاني متوسط كئيبا مهمومًا على محياه علامة البؤس والفقر والشقاء نحيل الجسم رث الثياب ، ودار بيننا الحوار التالي :
الأستاذ : أهلا عبد الله كيف حالك ؟
عبد الله : بخير .
الأستاذ : ماذا لديك اليوم من أخبار سارة ؟
عبد الله : ومن أين تأتي الأخبار السارة ، وحياتي كلها فقر في فقر ؟!
الأستاذ : احمد ِ الله َ ؛ فأنت بخير0
عبد الله : أنا أحسد أصحابي الذين معهم جوالات ، وأنا فقير جدًّا ؛ فقيمة الجوال تساوي راتب والدي شهرًا كاملا .
الأستاذ : لا عليك ، فهذا قضاء الله وقدره ، ثم إنك تملك أشياءَ أغلى من الجوال .
عبد الله : أتهزأ بي يا أستاذي ؟! وأين هي الأشياء الغالية التي أملكها ، وأنت ترى حالي ؟!
الأستاذ : والله ِ إنك تملك أشياءَ لا تقدّرُ بثمن ، وتساوي ملايينَ الريالاتِ .
عبد الله : وأين هي ؟! ارني إياها بسرعة .
الأستاذ : فكر أنت . ما هي ؟
عبد الله : لا أدري ، فليس في جيبي إلا ريالٌ واحدٌ فقط .
فأخرجت جوالي الجديد ، وقلتُ له : سأعطيك جوالي (بشريحته ) ورقمه المميز ، وأسدد عنك الفواتير طيلة عمرك لكن بشرط .
فقال : أنا موافق على كل شروطك . هيا أعطني الجوال .
الأستاذ : حسنــًا ، سأعطيك الجوال إذا حققت شرطي الوحيد .
عبد الله : وماهو ؟! هيا بسرعة .
الأستاذ : أن تعطيـَـني عينيك ؛ فلي صديق ابنه يحتاج إلى عينين ، وبعملية بسيطة نأخذ عينيك ؛ لنركبها لابن صديقي ، ونعطيك الجوال .
عبد الله : لا ، والله لا أوافق .
الأستاذ : حسنــًا ، يبدو أن الجوال قليلُ القيمة ِ . سأكلم صاحبي - وهو من أصحاب الملايين - وسيعطيك مبلغ مليون ريال مع سيارة فارهة .
عبد الله : والله لو أعطاني ملايين الدنيا كلها فلن أوافق ؛ فما فائدة الملايين ، وأنا أعمى ؟!
الأستاذ : هل رأيت - يا عبد الله - كيف أنك تملك أشياء غالية وثمينة ؟!
هل رأيت - يا عبد الله - نـِـعـَـمَ الله ِ عليك التي لا تعدُّ و لا تحصى ؟!
ثم قلت له : أغلق ْ أنفك وفمك بقوة ، وانتظر خمس دقائق فقط بلا تنفس .
ففعل ، حتى احمرَّ وجهُه ، ثم أطلق يدَه ، وتنفس بقوة . فقلت له : وهذه نعمة أخرى (( الهواء )) الذي لا نعيش بدونه ، وتتنفسه مجانــًا منذ أن ولدتك أمك ، وغيرك - يا عبد الله - لا يتنفس إلا بأجهزة صناعية ، وكأنه يتنفس من ثقب إبرة .
عندها استنار وجهُه ، وعلت شفتيه ابتسامة ٌ عريضة ٌ قائلا : صدقت يا أستاذ ، نِعمُ الله ِ من حولنا كثيرة ، ولكن لا نتذكرها إلا إذا فقدناها 0
فغادر مكتبي مسرورًا فرحًا شاكرًا لأنعم الله .
ننتظركم يا أحباب ؛ لنتعلم منكم ، ونستفيد من تجاربكم .