ظاهرة بتر الوتد هي من العلل التي أشار إليها الخليل بمسميات عديدة؛ فهي في (فاعلاتن) في المديد (على غير مذهب الزجاج)، و(فعولن) في المتقارب تسمى البتر، (والأبتر ما قطع وتده بعد حذف سببه). وفي (فاعلاتن) المحذوفة في المديد (على رأي الزجاج)، و(فاعلن) في البسيط و(متفاعلن) في الكامل و(مستفعلن) في (مجزوء البسيط) والرجز، تسمى القطع، (والمقطوع ما أسقط ساكن وتده وسكن متحركه). وفي (فاعلاتن) في الخفيف ،وكذلك في المجتث (عند بعض العروضيين)، تسمى التشعيث، (والمشعث ما سقط أحد متحركي وتده).
وقد اخترت للدلالة على هذه الظاهرة في عموم صورها مصطلحا واحدا هو البتر.
ولم يذكر الخليل البتر في الرمل، ولكن الشواهد الغزيرة التي جاء بها د. عمر خلوف على بحر الرمل تدلنا على تحقق هذه الظاهرة فيه بشكل واضح وجلي .
فالشكل الرابع من المسدسات عنده، وهو:
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن = فاعلاتن فاعلاتن فاعلن
له ضرب أبتر ، جعله الخامس من المسدسات، نحو قوله:
حبّذا المرجَةُ ذاتُ الشّرَفَيْـنِ = صادَتِ الناسَ بصـدْر البـازِ
وأما البيت الثالث من الرمل عند الخليل، وهو:
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن = فاعلاتن فاعلاتن فاعلن
فقد أورد له د. خلوف ضربا أبتر نحو قوله:
كم على صَبٍّ جَنَتْ وجنَتُهُ = وسَبـاهُ الغَمْـزُ بالعَيْنَيْـنِ
وكذلك عروضا وضربا أبترين ، نحو قوله:
ورعى الجامعَ رَحْبَ النادي = كم بهِ منْ غُصْنِ عِلْمٍ راقِ
وأما الضرب السادس من الرمل عند الخليل وهو:
فاعلاتن فاعلاتن = فاعلاتن فاعلن
فقد أورد د. خلوف شاهدا على بتر وتده ، ولكنه سها عن عده شكلا خامسا من المربعات، ومع ذلك فقد ألحقه خطأ بالشكل الرابع عنده وهو قوله:
في دِيار القومِ آثا=رٌ لقومٍ ماتوا
ومَضَوا يا لَهْفَ نفسي=لأُناسٍ فاتوا
فهذا الشكل يجب أن يكون على التفعيل التالي:
فاعلاتن فاعلاتن = فاعلاتن فعْلن
هذا ما بدا لي أن أعلق به على جهود الدكتور عمر خلوف في إخراج كنوز الشواهد العروضية من مخابئها والتي أفادتنا في تصحيح كثير من الظواهر التي لم يلتفت إليها الخليل في عروضه، فهذا العروض مع أنه ولد كاملا ، إلا أن نموه لم يتوقف بعد موت الخليل.