السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهالديسلكسيا أو "عسر القراءة " من بين الصعوبات التي يواجهها الطفل أثناء التعلّم، يوليها أهل التربية والتعليم اهتماما خاصا،نظرا لارتباطها بفعل "القراءة" الذي يعدّ جوهريا في العملية التعلمية، مما يؤثر سلبا في الجو العام للصف، وبذل المعلم لمزيد من الجهود المضنية والزمن الضائع دون جدوى في تعليم القراءة لطفل يعاني من هذا المرض .
عُسر القراءة:
فقلة الوعي بهذا المرض، قد يقصي التلميذ من قائمة المتفوقين،وقد يؤدي التهميش إلى الانطواء والعزلة.
-مفهوم عُسر القراءة :
الديسلكسيا Dyslexia كلمة يونانية الأصل مكونة من مقطعين: الأول (Dys) وتعني "صعوبة"، والثاني (lexia) وتعني "الكلمة المقروءة"، وأول من استخدم هذا المصطلح عالم الأعصاب الفرنسي ( رودلف بيرلين ) عام 1872 م.
وهو " اضطراب يتجلى في صعوبة تعلم القراءة على الرغم من توافر التعليمات التقليدية والذكاء الكافي والفرصة الاجتماعية والثقافية الملائمة" وهذا الاضطراب ليس له علاقة بالتخلف العقلي.
إنه" اضطراب في القراءة ذو منشأ عصبي خارج نطاق أي إعاقة عقلية أو حسية و غير مرتبط بعوامل ثقافية أو بيئية أو بعدم الرغبة في الدراسة و يكون معدل الذكاء لدى الشخص الذي يعاني من هذا الاضطراب عاديا أو فوق العادي."
أسباب هذا الاضطراب:
-العوامل الفيسيولوجية:
يعزى هذا الأمر غالبا للعامل الوراثي، فقد أثبتت الدراسات الحديثة التي أجريت على أطفال عسر القراءة، أن المنطقة السمعية في مخ هؤلاء تختلف عن نظيرتها عند الأطفال الآخرين، كما أن منطقة اللغة بالمخ لدى الأشخاص المصابين بعسر أو عجز القراءة في النصف الأيسر من المخ، أصغر و أقل في عدد خلاياها. في نفس الإطار دائما، لوحظ أن النشاط الكهربائي في النصف الأيسر من المخ لدى الذين يعانون من عسر القراءة، يختلف بصفة جوهرية عن نظيره لدى الذين لا يعانون من هذه الصعوبة.
-العوامل النفسية:
* اضطراب الإدراك السمعي و الإدراك البصري:
القراءة عملية معقدة يتداخل فيها الإدراك السمعي ( كيفية نطق الحروف) بالإدراك البصري ( كيفية كتابتها).
*الاضطرابات اللغوية:
تؤثر حصيلة الطفل و قاموسه اللغوي على تعلمه و تفسيره للمادة المقروءة المطبوعة، كما أن الأطفال الذين لديهم تشوه في بعض الأصوات يعجزون في الأغلب عن القراءة بشكل صحيح.
* اضطراب الذاكرة:
تنقسم اضطرابات الذاكرة إلى اضطرابات الذاكرة السمعية واضطرابات الذاكرة البصرية، وقد أثبتت العديد من الأبحاث وجود صعوبة في الاسترجاع التتابعي للمثيرات المرئية لدى الأطفال المصابين بعسر القراءة، ويفسر هذا الفشل في الاسترجاع إلى عدم كفاءة عمليات الانتباه الانتقائي و استخدام استراتيجيات للحفظ و التذكر و الاسترجاع أقل فاعلية و كفاءة مقارنة مع الأطفال العاديين.
-العوامل اللغوية:
قد تكون خصائص اللغة المنطوقة، ونظام الكتابة (قواعد الإملاء)، وطرق تعليم القراءة والكتابة عوامل مساهمة في ظهور عسر القراءة لدى الأطفال.
- العوامل الوراثية :يمكن أن يكون السبب وراثيا أيضا وهذا ما أثبتته بعض الدراسات.
مظاهرعسر القراءة:
- المظاهر اللغوية: المتمثلة في التأخر أو عدم الكلام بوضوح أو خلط الحروف أو الكلمات أو الجمل، و من أمثلة ذلك ما يلي:
- قلب مقطع من الكلمة فيقرأ بانت بدلاً عن نبات، وكوافه بدلاً عن فواكه .
- حذف بعض الحروف، وإضافة أُخرى كأن يقرأ: والد بدلاً عن ولد، وندى بدلاً عن نادى .
- حذف مقطع كامل من الكلمة كأن يقرأ منزل بدلاً عن المنازل، وفتاة بدلاً عن فتيات .
- قلب مواضع الحروف من الكلمة إما بالتقديم أو التأخير كأن يقرأ قلب بدلاً عن قبل، وعبد بدلاً عن بعد، وفرس بداً عن سفر…
- حذف بعض الكلمات أو أجزاء من الكلمة المقروءة، فمثلاً عبارة ( سافرت بالطائرة ) قد يقرأها الطالب ( سافر بالطائرة).
- إضافة بعض الكلمات غير الموجودة في النص الأصلي إلى الجملة، أو بعض المقاطع أو الأحرف إلى الكلمة المقروءة فمثلاً كلمة ( سافرت بالطائرة ) قد يقرأها ( سافرت بالطائرة إلى أمريكا) .
- إعادة بعض الكلمات أكثر من مرة بدون أي مبرر فمثلاً قد يقرأ ( غسلت الأم الثياب ) فيقول ( غسلت الأم … غسلت الأم الثياب) .
- إبدال بعض الكلمات بأخرى قد تحمل بعضاً من معناها، فمثلاً قد يقرأ كلمة ( العالية ) بدلاً من ( المرتفعة ) أو ( الطلاب ) بدلاً من ( التلاميذ) أو أن يقرأ (حسام ولد شجاع) وهكذا .
- ضعف في التمييز بين أحرف العلة فقد يقرأ كلمة ( فول ) فيقول ( فيل).
- صعوبة التموقع في النص، حيث يرتبك عند الانتقال من نهاية السطر إلى بداية السطر الذي يليه أثناء القراءة .
-مظاهر مرتبطة بالأنشطة اليومية
هناك عديد من السلوكات اليومية التي يقوم بها الطفل و التي يمكن أن تدل على معاناته من الديسلكسيا مثل :
- طريقة التعامل مع الأشياء كصعوبة الاحتفاظ بها في يده، وصعوبة التنسيق فيما يقوم به من أعمال مثل مسك الكرات أو تنطيطها أو رميها بصورة عادية.
- صعوبة في تنفيذ بعض الأعمال مثل ارتداء الملابس بصورة طبيعية وربط الحذاء واستعمال الأزرار.
- ضعف التركيز عند الاستماع للقصص.
إضافة إلى ما سبق ذكره، يمكن أن تقترن الدسليكسا بمظاهر أخرى مثل رداءة الخط والخروج على السطر وصعوبة تنسيق الحروف، كما يمكن أن تكون مصاحبة لعسر الحساب و عسر الكلام و غيرها من صعوبات التعلم الأخرى، غير أن ما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أن ظهور هذه العلامات مجتمعة ليس شرطا للجزم بإصابة الطفل بعسر القراءة، فوحده الطبيب المختص لديه القدرة و الكفاءة لتشخيص الديسلكسيا و تحديد درجة الإصابة بها.
-علاج عسر القراءة
المؤهلون لتشخيص هذا الاضطراب هم أطباء الأمراض العصبية والأطباء النفسانيون وكذلك أخصائيّو علم النفس التربوي و المتخصصون في عسر القراءة.أما العلاج فيكون بإشراك جميع الفاعلين من الطبيب المعالج، والأسرة والإدارة التربوية، ووصولا إلى المدرس والطلاب
و في الإطار التعليمي التربوي، يمكن للمدرسين الذين يعانون من مشكلة عسر القراءة في صفوفهم الدراسية اتباع بعض الاستراتيجيات التي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
- توفير بيئة مساعدة على التعلم و الاستيعاب، و خالية من كل عوامل التشويش و تشتيت الانتباه.
- التحدث أمام الطلاب بصوت واضح، و لغة سليمة خالية من الأخطاء النحوية.
- مراعاة مستوى المتعلمين حين اختيار النصوص و المفردات التي سيشتغلون عليها.
- طرح الأسئلة بشكل واضح، والابتعاد عن الأسئلة المتداخلة، أو المعقدة.
- تحفيز الطلاب الذين يعانون من الديسلكسيا و تشجيعهم على المشاركة.
- تفادي إحراج الطلاب المعسرين أمام زملائهم خلال القراءة الجهرية.
- الكتابة بخط واضح ومقروء سواءً على السبورة، أو خلال كتابة نماذج الحروف في كراسات المتعلمين .
- تخصيص الوقت الملائم للمعسرين سواء خلال الامتحانات أوحتى خلال إنجازالواجبات المنزلية.
- التعرف على جوانب القوة في أفراد الدسلكسيا و ميولاتهم، والتركيز عليها.
- التواصل مع الآباء وتوعيتهم بأسباب المرض و طرق التعامل مع أبنائهم في البيت.
- الصبر وطول البال و عدم التسرع في طلب نتيجة المجهودات المبذولة.
المرجع..